الاثنين، 16 سبتمبر 2019

يا معلمي الفاضل اطلب المستطاع حتى تطاع/أحمد سليمان العمري


يا معلمي الفاضل اطلب المستطاع حتى تطاع
دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
ليس من المستهجن كثيراً تفاوت رواتب موظفي القطاع العام بين وزارة ومؤسسة أو دائرة داخل الدولة الواحدة، فقد آل الأمر إلى بديهي. فأن يترواح راتب أفراد وزارة الداخلية والخارجية ورئاسة الوزراء وديوان التشريع بالإضافة إلى دائرة الضريبة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بين الـ 1000 ليقارب الـ 2000 دينار هو الشيء الذي ينافي معايير الإنصاف والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد.
ولا أتحدّث هنا عن بعض رواتب ومخصّصات في بعض الوزارات والمؤسسات وأمانة عمّان الذي يحدّده الرئيس حسب حجم العلاقات الشخصية وأحياناً الإمكانيات التي تتحلّى بها بعض أقسام السكرتاريا وإدارة المكاتب الإدارية الرئيسة والتي تتجاوز الـ 4000 دينار.
تجدّ في أكثر الدول الديمقراطية والحقوقية في العالم التأرجح بين مؤسسات القطاع العام لا يتجاوز الضعف في أسوأ الحالات على الإطلاق، مع مراعاة التحصيل الأكاديمي أو الفني ذاته وسنوات الخبرة.
فلماذا نجدّ هذا البون الرحب الرحراح في الأردن والذي يصل بين مؤسسة وأخرى لستة أضعاف؟
أظنّ أنّ هذا التباين الهائل بين وزارة وأخرى أو دائرة عن غيرها يعود نوعاً ما ودون مبالغة مني للتقسيم العائلي المتنفّذ في الدولة لوظائف القطاعات، فجدلاً لو وضعنا موظفي وزارة الزراعة والتربية والتعليم والتنمية الإجتماعي
ة وموظفي دائرة الإحصاءات وسلطة المياه ليترواح متوسط رواتبهم بين 300 دينار ونيّف ليصل كحدّ أقصى إلى 600 دينار، وقد يكون الرقم مبالغ فيه.
هذه الفروقات الهائلة بين موظفي القطاع العام ومؤسسة ووزارة أو دائرة هي مجحفة وغير منصفة، ولقد ترتّب عليها مع مرور الوقت تدّني الخدمة بشكل ملحوظ.
فلو وضعنا المنظومة التعليمية خلال الـ 25 عام المنصرمة تحت المجهر لوجدنا أنّ رسوم المدارس الخاصة تصل لخمسة أضعافها في المدارس الحكومية، هذا مع إقبال غير مسبوق في تاريخ الأردن عليها.
أظنً أنّ الإحجام عن مدارس وزارة التربية والتعليم لم يأتِ من حجم الرفاهية التي يعيشها المواطن ليقدم على دفع أقساط مضنية شاقّة تقتصّها الأسرة من قوتها، إنّما لتدّنى المستوى الذي انحط بين المدارس الحكومية ليتجاوز سوء التعليم ويصل في بعض المدارس إلى وكر "تحشيش" وهذا الطرح لا يُنقص من قدر المعلم الفاضل ولا من حجم عطائه، إنّما من كم الضغوطات التي تعانيها المدرسة الحكومية ومعها المعلم. 
بدأت الخميس 5 سبتمبر/أيلول 2019م في وسط العاصمة الأردنية عمّان أول الوقفات الإحتجاجية لِتَجمَع محافظات المملكة عامّة لمعلمي المدارس الحكومية مطالبة بزيادة 50% على رواتبهم الأساسية، هذا يعني بأن الزيادة تشكّل كحدّ أدنى الفئة الثانية، المستوى الثالث للدرجة التاسعة في السنوات الخمس الأولى 62 دينار لتصل الزيادة إلى ما يقارب الـ 300 دينار للفئة الأولى، المستوى الأول، الدرجة الخاصة.
لم تكن الوقفة سلمية كما كان متوقع لها، فقبل تجمّع أكثر من ثلاث آلاف معلم في دوار الداخلية، حاولت الأجهزة الأمنية منع الوفود القادمة من مختلف المحافظات وسط إجراءات أمنية مكثّفة من الوصول للدوار الرابع أمام مبنى رئاسة الوزراء، والبعض بقى في الطرق المؤدية إليه، ممّا أدّى إلى اشتباكات واستخدام قوات الدرك غاز مسيل للدموع لتفرقة الجموع، هذا مع رفض وزارة التربية والتعليم الإستجابة لمطالب المعلمين لما يترتّب على خزينة الدولة أن تدفع أكثر من 112 مليون دينار. وعلى هذا نظّمت النقابة ممثّلة بالمتحدّث بإسمها نور الدين نديم إضراب شمل جميع مدارس المملكة الحكومية على الإطلاق يوم الأحد السالف والذي كان أحد مخرجاته مواصلة الإضراب لإشعار آخر.
رفض النقابة للمقترح الذي قدّمته الحكومة بعد الجلسة الحوارية بين القائم بأعمال النقيب ناصر النواصرة ووزير التربية والتعليم الدكتور وليد المعاني مبالغة وتصعيد. فحسب طرح النقابة أنّ العرض الذي قدّمته الحكومة لا يلّبي طموح المعلمين لإنهاء الإضراب.
 طريقة حوار النقابة غير عصرية وخالية من المسؤولية، فالوقوف بتعنّت على نسبة الـ 50% لا ينم عن بعد نظر ولا عن رغبة في خلق نقاط مشتركة، إنّما من شأنه إيقاظ كثير من القطاعات المظلومة كالمعلمين للمطالبة بذات النسبة، وهذا حقّهم المشروع أيضاً، بالإضافة إلى نقطة مهمّة وهي أحقيّة الحكومة في حالات الإضراب بعدم دفع الرواتب والتي يوجب القانون النقابة بدفعها للموظفين، فهل ستدفع النقابة لهم؟ وهل ستقتطع الحكومة دخل المضربين؟ وهو حقّها كما الإضراب حق الموظف.
الرفض والقمعية التي تعاملت بها الحكومة تجاه المعلمين لا تتناسبا أبداً مع دولة حقوقية. كما أنّ قرار رئيس الوزراء بعدم تراجع الحكومة عن ربط العلاوات بمؤشر قياس الأداء أيضاً مرفوض وغير منصف، فلا يجوز في القطاع العام أنّ يحرم قليل القدرات على حساب كثيرها. كما لا يجوز إتهام المضربين بإلإضرار في الدولة، فهذا حقّهم وهي الوسيلة الوحيدة للضغط من أجل تحصيل الحقوق، الإضرار هو في التصعيد والمغالبة والتعنّت ورفض نسب منطقية وواقعية.
في ذات الوقت لا يتناقض هذا الطرح بأنّ الهجمات على رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزّاز غير مبرّرة، هذا لأنّ الذين سبقوه ومن سيخلفوه لن تختلف سياستهم عنه كثيراً، وجه الإختلاف في الأداء فقط. هذا لأنّ سياسة الأردن منذ تاسيسها لم تمنح رئيس الوزراء سلطة حقيقة، بل مقترحات ينفّذها في حال وافق عليها ملك البلاد.
كان بالإمكان أن تسير الأمور بسلمية أكثر لو أنّ الجانبين قدّما بعضاً من التنازلات بدءاً من هيكلة الوقفة وانتهاءً بسببها، وهي نسبة الـ 50 بالمائة، بالإضافة إلى توقيت الإحتجاج الذي أتى بعد 4 أيام من بدء العام الدراسي الجديد.
 فيا معلمي الفاضل اطلب المستطاع حتى تطاع.
المطالبة بصرف علاوة 50% على رواتب المعلمين هي مبالغة وبعيدة جداً عن الموضوعية والواقعية، وأنا أول الموقّعين برفضها.
لو أنّ النسبة تترواح بين ٧ إلى ١٥ بالمائة لكانت أقرب إلى التحقيق وأبعد عن الضرر حكومياً وشعبياً، هذا مع مراعاة مطالب القطاعات الأخرى التي لها ذات الحق في المطالبة على الصعيد العسكري والمدني أو جهات نقابية وغير نقابية ليعمّ العدل بين مطالب محتج وغير نقابي لا يجدّ من يقف في ظهره.
ما زلت أذكر في بداية هذا العام حين أضرب موظفي القطاعات الصحية في ألمانيا ولاية"NRW" قرابة الشهرين عن العمل لتكون المحصّلة زيادة 2.1% من الدخل، ونحن نتحدّث هنا عن دولة بإقتصاد عظيم، فكيف لدولة كالأردن تلبية 50% لقطاع التعليم وأظنّه الأكبر في الدّولة؟
فلو قسّمنا الـ 50% على القطاعات المظلومة لأنصفنا الجميع وتفادينا رفضاً بديهياً في ظلّ الظروف الإقتصادية الصعبة التي تتعرّض لها الأردن حالياً. وأودّ أن أنوّه مع مراعاتي للأزمة التي نمر فيها جميعا حاكم ومحكوم، أنّه من الضروري جداً اتخاذ قرارات لموازنة الدخل بين القطاعات وتقنين الفجوة بينهم بشكل منطقي ومنصف، والعمل على معالجة حالة الإستياء والإحباط التي تسود الشارع الأردني لذات الأسباب على صعيد موظفي القطاع العام والخاص في آن.
العمل على هذه الخطوة يتطلب شرطاً أساسياً وضرورياً ولن نخرج من هذه الدائرة المغلقة بين مسوّق ومروّج لقرارات الحكومة وبين لوم دائم ومستمر على رجالاتها إلّا في البدء في برنامج يتناسب مع ميزانية الدولة ومديونيتها، وهذا يتمحور في تخفيض رواتب الوزراء والنواب والأعيان ومدراء المؤسسات الكبرى بما يتناسب مع وضع الدولة السيء إقتصادياً، وإلّا وقفنا شعب وحكومة متعمّدين أمام النهضة التي نعمل من أجلها للرّقى في هذا البلد المعطاء.

لتعيش أكثر شوية ابتعد عن السيجارة الإلكترونية/أحمد سليمان العمري


لتعيش أكثر شوية ابتعد عن السيجارة الإلكترونية
دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
كبرنا ونحن نشاهد البرامج الوعوية المرئية والمسموعة والمقروءة للحدّ من تقنين الدخان وإظهار مخاطره، حتى أنّ صورة رئة معطوبة أصبحت تتصدّر علبة الدخان. باتت خطورة كلّ أنواع التمباك معروفة بالضرورة للجميع، إذن الإقبال على التدخين أو عدمه هو أمر شخصي يقرّره الفرد متحمّلاً تبعة نتائجه وحده.
القضية المستهجنة هي تجنيد حكومي أردني وإعلامي ومؤسسي في محاربة السيجارة الإلكترونية وتضخيم مخاطر استخدامها ليكون الترويج للتمباك العادي بديهي.
في جميع المناطق الحدودية في العالم توجد منطقة تسمّى "الحرّة" يُسمح فيها للمسافر شراء حاجيات بنسب محدودة دون اخضاعها للضريبة، والحال في الأردن لا يختلف عن غيره من الدول بهذا الخصوص.

صدر صباح الجمعة 23 أغسطس/آب 2019م قرار من مجلس الوزراء الأردني بعدم السماح للمسافرين القادمين إلى الأردن بإدخال أكثر من كروز دخان واحد من المنطقة الحرّة مع كل مسافر. قرار تحديد كميات السجائر التي يدخلها المسافر معه عبر الحدود بـ كروز واحد، يأتي حسب تبرير المجلس للحدّ من عمليات تهريب الدخان.
هل هذا الإجراء يقنّن من التهريب أم يساهم في بيع دخان مطيع؟
تبعت هذا القرار والتعديلات القانونية في اعتبار شراء كروز دخان واحد إضافي جناية وليست جنحة، احتجاجات وفوضى عارمة وحرق إطارات في الشوارع الرئيسية وإغلاقها في شمال المملكة لواء الرمثاء في محافظة إربد طيلة ليلة البارحة.
سجّلت وزارة الصحة الأمريكية اليوم أول حالة وفاة بسبب الآثار الجانبية لإستخدام السيجارة الإلكترونية وكثير إصابات الرئة، حسب صحيفة الدستور الأردني. انتشر هذا الخبر في الصحافة الأردنية على نطاق واسع ليصبّ الذعر في قلوب أصحاب "الكيف" الإلكتروني، ومنذ أيام والإعلام يقدّم أرقاماً وصوراً مفزعة من انفجار أو إصابات جراء استخدام سيجارة "الجن" هذه، وكأن السيجارة العادية أكثر نفعاً من زيت الزيتون.
هلّا قدّمت الصحافة الأردنية ومن ورائها الحكومة بعض أرقام مسجّلة في أمريكا أو أي بلد في العالم حول وفيات مدخني السيجارة العادية والتي تتجاوز بدون أدنى شك الإصابة الواحدة، فمثلاً ألمانيا تُقدِّر أنّ 110.000 شخصاً يموت سنوياً، فقط من وراء الأثار الجانبية للسيجارة التقليدية؟
أعيب على كثير الصحف التي تساهم في تنفيذ أجندة حكومية للضغط على مواطن "مستوي" فقد لتسويق دخان "مطيع" وكأن هذا الاسم ارتبط بالضرورة بالسجائر التي تباع مهرّبة لصالح المتنفذين في الدولة.
قضية الدخان الفترة الأخيرة كشفت وبوضوح حجم تنفّذ كثير رجالات الدولة في استخدام مقدّرات هذا البلد الذي يعمل أبناؤه على قدم وساق للخروج من أزمات خانقة تحيط به سياسياً واقتصادياً داخلياً وخارجياً وضغوطات وتهديدات صريحة حيناً وآخرى ضمنية. فلائحة الإتهام المكونة من 65 صفحة والصادرة عن العقيد القاضي العسكري مدّعي عام محكمة أمن الدولة فواز العتوم بتاريخ 6 شباط/فبراير 2019م والتي استثنى فيها كثير سنوات الفساد والتهريب وركز فقط على شخصية واحدة أو اثنتين ليكونا كبش فداء، كانت هي الدليل الوافي لإدانة كثير ممّن يعتبرون رموز للحكومة وللقاضي في آن، ولقد فصّلت هذا في مقالٍ سابق "حكومات من دخان".
الحقيقة أنّ شبكة من أشباه الرجال وهم قريبون جداً من القرار الأول يعبثون في مستقبل وطننا وقرارته التي تجاوزت اليوم كروز دخان، وتجنيد مؤسسات الدولة بما فيها الصحافة بشكل أساسي، لترويج الدخان بشكل قذر من خلال تقديم احصائيات لا أشكّك بصحتها، إنمّا بأهدافها.
لا أستهين بالميزانية التي ستعود من وراء منع كروز الدخان الواحد رغم الذي يقلّله كثيرون في الشارع الأردني، ولا بقرار المنع بحدّ ذاته تماشياً مع كثير الدول الأوروبية التي تحاول الأردن تقليدها من جانب واحد، وهو وضع الضريبة على كل منتج وآلية بيع، كالذي صرح به وزير الريادة مُثنّى الغرايبة في إخضاع دعايات الجوجل والفيس بوك وكل المبيعات التي تسوّق الكترونياً للضريبة. قرار حكيم ويتماشى فعلاً مع سياسات الدول المتقدمة سعادة الوزير، بَيدا أنّك نسيت أو تناسيت - وكليهما كالذي يهرب من التعطيل فيقع في التشبيه - بأنّ هذه الدول المتقدّمة التي تحاول نهجها، تعود بهذا الكم من ناتج الضريبة لخدمة المواطن من تأمين صحي شامل وعادل، وهذا هو عُرف الدول المتقدّمة وسنامها، وليس ابن وزير وآخر ابن حراث. ولا أظنّك سعادة الوزير تشكّك بهذا الزعم وأنت ابن البلد وتعي تماماً الإهمال الصحي كمستشفى الأميرة بسمة وليس له من اسمه نصيب، ومستشفى الزرقاء الحكومي واسمه دلالة عليه وغيرهم الكثير، وتعليم مجاني وخدمات وراتب للعاطلين عن العمل. فهلّا أكملت برنامج الطرح الضريبي سعادة الوزير؟   
الذي يثير "القرف" هو الاستخفاف بعقول الشعب لتمرير قرار منع الكروز بذريعة التقنين من التهريب وليس المنع بحدّ ذاته. للدولة حق تشريع القوانين بما يتناسب مع مصلحة الدولة والشعب.
فهل أصبح نظام التسويق الحكومي للدخان هو "لتعيش أكثر شوية ابتعد عن السيجارة الالكترونية وخليك على السجارة العادية"؟



السبت، 10 أغسطس 2019

كل عام وأنتم أحبتي وصحبي وأهلي بخير

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  3:19 م   بدون تعليقات

الاثنين، 5 أغسطس 2019

هل رعشة ميركل ستودي بها لترك الحكم؟/أحمد سليمان العمري



هل رعشة ميركل ستودي بها لترك الحكم؟
دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
انشغل الرأي العام الألماني الأسابيع السالفة بالوضع الصحي للمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" عندما انتابتها الرعشة الشديدة الملفتة للنظر بساقيها ويديها وشفتيها وجميع جسدها أثناء استقبال الرئيس الأوكراني "فولوديمير سيلينسكيج" يوم الثلاثاء 18 يونيو/حزيران أثناء وقوفهما أمام سريّة حرس الشرف الألمانية والنشيد الوطني. ولقد برّرت في اللقاء الصحفي الذي جمعها مع نظيرها الأوكراني أنّ سبب نوبة الرجفة التي انتابتها يعود لقلّة تناولها الماء في ذلك اليوم وحرارة الطقس. وهذا ما أدلى به الرئيس "سيلينسكيج" حيث قال أنها أثناء وقوفها لجانبه كانت بصحة جيدة.
لم تلبث كثيراً حتى عاودت ذات النوبة الدكتورة ميركل مرة أخرى وبشدّة يوم الخميس 27 يونيو/حزيران وتحديداً بعد تسعة أيام في برلين قصر "بيلفيو" عند تقديمها وزير العدل الإتحادي الجديد "كريستين لامبريشت" أوراق الإعتماد بحضور الرئيس الفيدرالي "فرانك فالتر شتاينماير"، حسب ما أفاد مصوّر من وكالة الأنباء الألمانية الذي عرض عليها كوبًا من الماء لم تقبله.

ما أن شارف الشارع على الإنتهاء من الحديث عن نوبات السيدة "ميركل" حتى فاجأتهم الثالثة أثناء استقبالها يوم الأربعاء في  10 يوليو/تموز رئيس الوزراء الفنلندي "أنتي رين" حيث أفاد شهود عيان أنّها أصيبت مرة أخرى بذات النوبة أثناء وقوفها على المنصّة والنشيد الوطني، غير أنّها لم تكن بشدّة النوبات اللاتي سبقن. وتعتبر هذه الحالة الثالثة المثبتة في غضون ثلاثة أسابيع.
لم تترك المستشارة الألمانية هذه المرة للصدفة بعد النوبة الأخيرة والمرفقة بهجوم المستائين من سياستها بشكل عام وآخرين استثمروا وضعها الصحي السيء حتى انهالوا عليها بوابل من العبارات المحرّضة على تركها الحكومة، فلجأت لخيار آخر أثناء استقبالها بعد يوم واحد من الحادثة الأخيرة رئيس الوزراء الدنماركي الجديد "ميتا فريدريكسن" نهار الخميس أمام مقر الحكومة في برلين، حيث جلست ومعها نظيرها جالس لجانبها أثناء النشيد الوطني الدنماركي والألماني.
يبدو أن السيدة "ميركل" قد أُجبرت على هذا التصرّف هرباً من احتمالية حدوث نوبة رابعة قد تثير زوبعة هي الآن بغنى عنها.
تفاوتت ردود الفعل سياسياً وشعبياً في بقاء المستشار "أنجيلا ميركل" في الحكم أو اعتزالها الأمر بين مدافع وآخر يطالب بفتح بوابة النقاش مثل رئيس المكتب الإتحادي السابق لحماية الدستور"هانز جورج مايسن" حيث نشر تغريدة على موقعة الخاص في تويتر عن ضرورة فتح حوار حول الحالة الصحية للمستشار ونوّه إلى أنّ صحة رئيس الحكومة ليست مسألة خاصة ومن حق الشعب الألماني أن يعرف ما إذا كانت المستشارة في وضع يسمح لها بممارسة مهامها السياسية أم لا. ويُعتبر "مايسن" واحد من الذين انتقد سياسة ميركل في الهجرة.

أمّا تعليق رئيس حزب الخضر "أنالينا بربوك" في مؤتمر صحفي غلب عليه التهكّم فيما يتعلق بوضع "ميركل" الصحي، الذي أثار غضباً شديداً عند الكثير والبعض وصفه بالجارح حيث قالت: "من الواضح أنّ صيف هذا العام وتبدّل المناخ له آثار صحية على المستشارة وأنّ الآخرى تتأثر أيضاً بدرجات الحرارة المرتفعة".
وفي الوقت نفسه ترى زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي "أنيغريت كرامب-كارنباور" نفسها مضطرة للتعليق على ما يتردّد حول الوضع الصحي "لأنجيلا ميركل" المتكرّر في مقابلة أجرتها أثناء وجودها في دولة الإحتلال حيث طمأنت عن وضع المستشارة الصحي الجيد من خلال المكالمات الهاتفية التي تجريها معها بشكل دائم، وقالت أنّ العالم ينظر إليها الآن بشكل خاص ومميز.
أمّا النائب والمتحدّث الرسمي بإسم الحكومة السيدة "أولريكه ديمر" فقد نفت وجود أي مشكلة صحية، وقالت أنّ المستشارة بحالة صحية جيدة، وليس هناك أي داعٍ للقلق.
وكذلك طمأنت "ميركل" الجهور في مؤتمر صحفي وقالت: "يبدو أنّني عانيت بعض الإرهاق لكنني بخير وكل شيء على ما يرام".
لم يكن الإعلام ورواد المواقع الإجتماعية بذات المزاج والتسامح الذي بدا من بعض السياسيين الألمان. فمثلاً راديو "أنتينه ميونيخ" أوكل قارئ الشفاه "جوديث هارتر" بفك الكلمات التي بدا أنّ المستشارة تحدّثت بها أثناء نوبة الرجفة التي كانت تعتريها في اللقاءات الثلاثة الأخيرة، وكانت النتيجة التي خرج بها الآخر هي: "أنا أستطيع أن أفعل ذلك". من الظاهر أنّها كانت تستعد لأي لحظة قد تنتابها النوبة لتعطي نفسها الشجاعة والثبات.
أمّا رواد مواقع التواصل الإجتماعي فكانوا أكثر حدّة وحيناً كراهية بحيث وصفهم مدير تحرير جريدة "فرانكفورتر ألجيماين" "بيرثود كولر" كالضباع  تدور حول الجيفة، وهم سعداء لأن ميركل قد تكون صحياً في أسوأ حالاتها.
أمّا الإعلام الروسي فكان هو الأسوأ على الإطلاق، فالتلفزيون الحكومي بدأ البرنامج الذي يُظهر الفيديو بعنوان " بدأت ميركل ترتعش في لقائها مع سيلينسكيج". وقنوات تلفزيونية أخرى وصفت لقاءها مع "سيلينسكيج" بصدمة كهربائية وتعليقات على هذه الوتيرة.
الأمر فيما يتعلق بإستمرار حكومة المستشار الألمانية لم يُترك للصدفة أو لمزاج سياسي معارض أو غوغاء المواقع الاجتماعية، بل بيّنه ما يسمّى بـ الخدمة العلمية في البرلمان في عام 2014م فحدّد قواعد للحالات المرضية في حالات عدم تمكّن المستشار الإتحادي من ممارسة مهامه الرسمية بشكل مؤقت، فنصّ القانون على أنّ المستشار له الحق ومن واجبه تعيين نائب له بشرط أن يكون وزيراً فيدرالياً. والمعتاد أن يكون نائب المستشار هو سياسي في حكومة الائتلاف. حاليا هو "أولاف شولز".
سبق ومرضت "ميركل" مرتين، الأولى في عام 2011م بعد عملية جراحية في الركبة. والثانية في عام 2014م بعد حادث تزلج، لكنّها واصلت العمل من خلال المنزل وعادت بعد ذلك بوقت قصير إلى مكتبها.
أمّا رأي الأطباء حول حالة الدكتور "ميركل" فهي متضاربة نوعاً ما، فهناك من يقول قلّة السوائل وكثرة القهوة، وآخر يرجيء حالتها إلى الضغط النفسي والجسدي بحكم عملها. أمّا الطبيب الخبير الذي تحدّث في لقاء لصحيفة "فوكوس" "يعقوب بيرغر" أنّه لا يستبعد وجود مرض مزمن وليس بخطير، فشابهت حالتها  "شلل الرعاش" إلّا أنّ رعشتها كانت بالنسبة لهذا المرض قصيرة، بالإضافة إلى أنّها استمرت بعد مرور النوبة بشكل طبيعي.
مع هذا وذاك لا تزال هناك علامة استفهام وراء أعراض الضعف المتكررة للسيدة "ميركل" وتقرير الطبيب الأخير، رغم أنّه لم يثبت أي حالة مرضية خطيرة، ولكنّه لم ينفِ بذات الوقت. ولو أخذنا النوبة التي حصلت معها أثناء زيارتها للمكسيك في عام 2017م بعين الإعتبار لوجدنا أنّ سؤال العامّة حول الرجفة التي تعتريها بين حين وآخر مبرّرة.
هل مناقشة الوضع الصحي للمستشار يجب أنّ يكون علانية؟ أم أنّ المسألة الصحية تعتبر أمراً خاصاً من حقّها هي وحدها الحديث عنه أو المطالبة من الرأي العام في الإحجام؟ لا أظنّ أنّ السيدة "ميركل" تعاني مرضاً خطيراً يهدّد صحتها في حال استمرت في مركزها.
لفت نظري أثناء متابعتي الصحف الألمانية حول الوضع الصحي "لميركل" وجود فقرة في القانون كانت لي مجلبة للضحكات "لا يحتاج المستشار الفيدرالي تقديم تقرير مرضي" فكم هي الأيام التي يعمل بها كثير زعماء العرب؟ ولو قارنا وضع "ميركل" الصحي مع كثيرهم لقلنا أنّها فتاة إبنة الـ 20 عام.

الثلاثاء، 23 يوليو 2019

نتائج مشروع شراكة التنقّل بين الاتحاد الأوروبي والأردن/أحمد سليمان العمري


نتائج مشروع شراكة التنقّل بين الاتحاد الأوروبي والأردن

دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
احتضنت العاصمة الألمانية برلين في 29 و 30 آذار/مارس 2019م فعاليات مؤتمر "دعم شراكة التنقّل بين الإتحاد الأوروبي والمملكة الأردنية الهاشمية"، وهو الذي يضمّ 17 دولة و300 عضو. يشمل نشاطها 90 دولة في العالم، ويهدف المركز للعمل على خلق تعاون وشراكة حول قضايا الهجرة. تم توقيع شراكة التنقّل بين الإتحاد الأوروبي والمملكة الأردنية الهاشمية في أكتوبر/تشرين الأول 2014م.
 قام بإدارة المشروع وتنفيذه "المركز الدولي لتنمية سياسة الهجرة "(ICMPD) وهو مشروع تقني يهدف إلى دعم تنفيذ المشروع الذي أُطلق بداية في يناير/كانون الثاني 2016م.

تحظى هذه المبادرة التي استمرت ٢٤ شهراً بتمويل من الإتحاد الأوروبي وتحديداً خمسة دول دوناً عن غيرها، وهي بلغاريا، هنغاريا، بولندا، البرتغال ورومانيا، بتنفيذ وإدارة وتنسيق المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة بالتعاون مع سفارة الأردن في المانيا.

ينقسم  المشروع إلى مرحلتين
المرحلة الأولى من المشروع التي ترأستها السيدة "مليتا غروفسكا - غراهام" عملت بشكل أساسي مع وزارة الداخلية "وحدة مكافحة الإتّجار بالبشر" ومديرية الأمن العام، ومديرية إدارة الحدود، ووزارة العمل والعدل ووزارة التنمية الإجتماعية، ومنظّمات المجتمع المحلي.
أمّا المرحلة الثانية ترأستها "سارة شليجر"، شملت برنامج تطوير ملف المغتربين، من حيث الخدمات وتنظيم الفعاليات، والذي قدّم معلومات عنهم وتوزيعهم الجغرافي والديمغرافي ومستوى المهارات ورأس المال ونوع الهجرة وتعزيز دور الحكومة في جمع البيانات، بالإضافة إلى خلق منصّة عبر الإنترنت من أجل إمكانية التواصل معهم وتعريفهم بالخدمات الحكومية المتاحة، مع تقديم دعم للحكومة لتنفيذ هذه الإستراتيجية وخطط العمل. ولقد خصّصت المديرية العامّة للمفوضية الأوروبية للتنمية والتعاون مبلغ 2،5 مليون يورو لمشروع شراكة التنقّل مع الأردن.
لذلك قرّرت الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي الربط ما بين معرفتها ومواردها ومصادرها. فقاموا ببناء منطقة الإستقرار والديمقراطية والتنمية المستدامة، مع الحفاظ على التنوّع الثقافي والتسامح والحريّات الفردية. 
تركّزت الجزئية الثانية على دعم قدرة الحكومة الأردنية للتواصل مع جاليتها في الخارج، بحيث يعمل المشروع بشكل أساسي مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين ووزارة العمل والسفارات والبعثات الأردنية والمغتربين الأردنيين وجمعياتهم.

عُقدت ورشة الاجتماع لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، هي:
1.         دعم السفارة الأردنية في ألمانيا لتعزيز جهودها في مجال التواصل والتوعية وتوفير الخدمات.
2.         إنشاء شبكة من المغتربين الأردنيين في ألمانيا المعنيين بالصناعات في مجالات العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
3.         دعم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين وسفاراتها حول العالم لتعزيز التواصل مع مغتربيها من خلال لقاءات مشابهة، وعبر رفع التوصيات التي يمكن تبادلها واستنساخها في أبرز بلدان المقصد التي يتوجه إليها الأردنيون.

سعياً نحو تحقيق هذه الأهداف ضمّ جدول الأعمال:
أ‌.                     حلقة نقاش بين الخبراء.
ب‌.                عرضاً تقديمياً من مركز الهجرة الدولية والتنمية.
ج.         جلسات عمل مصغّرة للتشجيع على النقاش وصياغة توصيات حول مواضيع تعاونية أساسية.
د.          معرض حول المبادرات المعنية بمجالات العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ه.         جلسة أسئلة وأجوبة مع ممثلي السفارة الأردنية في ألمانيا.
مع انتهاء 30 يونيو/حزيران الماضي أُغلق مشروع "شراكة التنقّل بين الإتحاد الأوروبي والمملكة الأردنية الهاشمية ((JEMPAS"، والذي تضمّنت أهم مخرجاته استخلاص التوصيات والمحفّزات المواضيعية من الجلسات المتنوعة وإيجازها في ست نقاط:
1.                    التواصل مع الأكاديميين.
2.                   فهم الأنظمة والسياسات الحكومية.
3.                   التنسيق.
4.                   الإتصال والتواصل.
5.                   الإرشاد.
6.                   الدبلوماسية الثقافية.
أُختيرت هذه التوصيات استناداً إلى أولويات الأردن فيما يتعلق بإشراك المغتربين في مجالات العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، على الشكل التالي:
         الإستثمار في شركات الأعمال التي تُعنى بمجالات العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات هو فرصة للمشاركة في تحسين طرح الحلول العالمية وتحريك عجلة النمو الإقتصادي الجديد في بلدان المنشأ والمقصد.
لعلّ الأكاديميين الأردنيين هم الأنسب لتحديد فرص تنفيذ أنشطة بحث في المجالات المذكورة، هذا لأنّ إشراك الجامعات والتواصل معها قد يمكّن المغتربين من التعرّف على فرص التمويل في مجال الأبحاث، وتقديم طلب للحصول عليها، والاستفادة من المعارف المكتسبة في الخارج.
بإمكان الشراكات مع أصحاب المواهب والمعارف المغتربين والمقيمين في الإتحاد الأوروبي أن تساعد الشركات الأردنية على الدخول إلى السوق الأوروبية. فوجود المغتربون كشركاء لتقييم مشاريع المستثمرين، نظراً إلى المعارف التي كوّنوها عن الأسواق في بلدان المنشأ والمقصد قد تؤثر إيجاباً على دخول الشركات الأردنية إلى السوق الأوروبية.
من الضروري الاستمرار في تطبيق برامج المغتربين لمساعدة أصحاب المواهب الأردنيين، لا فيما يتعلق بمشاريع خدمة المجتمعات المحلية فحسب، بل مشاريع الأعمال المستدامة أيضاً. في هذا الإطار يُسهم تعلّم اللغة الألمانية في سدّ فجوات التواصل بسرعة. حيث تدعو الحاجة إلى الاستثمار في مجال الاستشارات وتوفير المنافع المالية للمرشدين وبرامج الإرشاد، لضمان موافقة المرشدين رفيعي المستوى على دعم وتحسين إمكانيات المغتربين في مجال ريادة المشاريع. وعلى أثرها تمّ اقتراح تنظيم ورَش عمل وتدريبات بين ألمانيا والأردن لتكوين فهم أفضل للثغرات التي قد يحتاج المغتربون إلى سدّها في مجال التواصل الثقافي.
         تمّت مناقشة موضوع ابتكار المنتجات وتجديد مجموعة المهارات الأردنية المميّزة المتوفرة، لتحليل كيفية تمكين المغتربين الأردنيين في المساهمة لدعم الابتكار، بحيث يصبح محفّزاً للنمو الاقتصادي. إضافة إلى جمع الطلاب بالمغتربين ضمن إطار البرامج المذكورة ليتمكّن  المغتربون أصحاب المعارف دعوة الوافدين الجدد في عملية التعرّف على القواعد والأنظمة الوطنية وإنشاء منصّة تعارف للمغتربين للبرامج واللقاءات،  وتبادل المعارف والخبرات الخاصة بصناعاتهم، بهدف العودة بالفائدة على المناقشات الموّجهة نحو الابتكار.
من الضروروي إنشاء بوابة افتراضية تتضمّن معلومات عن الأردن، على نحو يتيح للمشاركين الألمان والأردنيين التواصل فيما بينهم، ليساعد في ازدهار الابتكار من خلال تأمين المرونة اللازمة لتنظيم الأفكار التي سيتم تبادلها بين المغتربين. ولتحقيق الإرشاد يمكن للمغتربين التشاور مع الشركات الأردنية ليتعلّموا منها كيف يصبحون أكثر ابتكاراً والتزاماً بمعايير الأتمتة والرقمنة العالمية. 
         يمكن أن تكون ريادة الأعمال أداةً قويةً لتحسين الفرص الاقتصادية وتمكين المجتمعات المحلية، سواء في الوطن أو خارجه، فضلاً عن مجتمعات المغتربين الذين غالباً ما يؤدّون دوراً أساسياً في إنشاء الشركات وتدريب رواد الأعمال الناشئين. بالإضافة لإنشاء شبكة توجيه وإرشاد للمغتربين في الصناعات ذات الصلة بالمجالات العلمية التي من شأنها تعزيز روح ريادة الأعمال. بحيث يمكن أن يؤدي الحوار بين المؤسسات الحكومية والمغتربين إلى تحسين السياسات التحفيزية، كتخفيض الضرائب المفروضة على الشركات الناشئة، والتي من شأنها توفير فرص التدرّج للمغتربين الأردنيين في الشركات الأردنية الموجودة في ألمانيا، وضمن الصناعات ذات الصلة بمجالات العلم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وما له من أثرفي دعم عملية ريادة الأعمال أكثر.
إنّ إنشاء منصّة أو تطبيق لنقل المعارف يحفّز على إطلاق الأفكار المتعلقة بالشركات الناشئة، ويؤمّن ملاحظات المغتربين أصحاب المسيرة المهنية المخضرمة، ويقدّم معلومات أكثر عمقاً عن الفروقات الثقافية، سيشكّل فائدةً كبيرةً بالنسبة للمجتمع المحلي ويمكّنه من تطوير مهارات جديدة .

المحفّزات
         إنّ توفير محفّزات ضريبية ثابتة لشركات الأعمال الناشئة سيبني الثقة ويحفّز على الابتكار ونموّ ريادة الأعمال. في هذا الإطار، تمثّل فرصة مطابقة للتمويل مع استثمارات المغتربين كطريقة لدعم نمو مشاريع الأعمال الجديدة، شأنها شأن توفير المحفّزات للمستثمرين في مرحلة مبكرة.
بإنتهاء هذا المشروع يبدأ عهد جديد في العمل على التوصيات والمحفّزات بحيث نخرج من الإطار النظري ونُقدم على تطبيق مخرجات الفعاليات التي استمرت لسنين. وكما أنّ الخطوات التحريرية تطلّبت من الدول الداعمة وقت وجهد، فلا محال أنّ الجزئية العملية بحاجة لإخلاص على المستوى الحكومي والشعبي والمؤسسي في آن. وانطلاقاً من هذا الدعم المادي والاستشاري والإدراي والعلمي الذي منحه ويمنحه الإتحاد الأروربي فيجب علينا تثمين هذه الوقفات والعمل على استثمارها ممثّلة بالتطبيق والإخلاص بالمقدّرات البشرية والمادية والضرب بيد من حديد لمن تسوّل له نفسه العبث في المقدّرات التي عمل وما يزال يعمل عليها نخبة من أبناء هذا البلد.  
كنتُ واحداً ممن شرُف بالمشاركة في هذا المؤتمر المنصرم ولحظتُ الجهد الجبّار الذي قدّمه القائمون على مشروع "دعم شراكة التنقّل بين الإتحاد الأوروبي والمملكة الأردنية الهاشمية"، بتنفيذ من المركز الدولي لتنمية سياسة الهجرة ومعهم فريق السفارة الأردنية في برلين ممثّلة في سعادة السفير بشير الزعبي وسعادة الوزير الفخري مُهيب النمرات وسعادة القنصل آلاء الغزاوي.


الأربعاء، 3 يوليو 2019

الفارسة الهاشمية الأميرة في ألمانيا/دوسلدورف/أحمد سليمان العمري


الفارسة الهاشمية الأميرة في ألمانيا
دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
ما هي الأسباب التي أدّت إلى إتخاذ الأميرة الهاشمية الجميلة قرار "الهروب" من القفص الذهبي بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى؟
وأنا أخطّ هذه المقالة ومعها كلمة "الهروب" مقرونة بالأميرة الجميلة هيا، راودني شعور غريب، وكأنّني أقرأ عن أميرات العصور الوسطى، لا عن الأميرة هيا بنت الحسين وأخت الملك عبد الله الثاني وحفيدة الملوك وشرفاء مكة.
الحقيقة المؤلمة أنّ الأميرة هيا وطفليها زايد والجليلة هربوا من دبي وتقدّموا بطلب لجوء في ألمانيا، وهذا الذي لم ينجح به أحد غيرها.

نعم، هي الأميرة وأبناؤها، وليسوا من عامّة الناس الهاربين من ظلم النظام السوري، أو أسرة يمنية من الحرب السعودية أو الليبية من النظام المأجور.
 كم هي الأقدار غريبة! تجمع الجياع مع الأثرياء والأمراء في ذات الهوية. 

الأسباب التي فرّت من أجلها الأميرة مع ابنيها زايد 7 أعوام والجليلة 11 عام وما يقارب 35 مليون يورو غير واضحة حتى الآن، وليست هي الأميرة الأولى التي هربت أو تحاول الفرار من القفص الإماراتي.
الخوف على حياتها وحرمانها من أبنائها كان أحد أهم الأسباب وراء مغادرة الأميرة الأردنية هيا بنت الحسين والزوجة الثانية لنائب رئيس وزراء دبي وحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم دبي وطلبها اللجوء في ألمانيا حسب الصحيفة الألمانية "Focus"، كما وذكرت ذات الصحيفة أنّ الأميرة بدأت أيضاَ بمعاملة الطلاق.
ما هي يا ترى المخاوف التي من أجلها أقبلت الأميرة على خطوة كهذه كفيلة أن تقلب حياتها رأساً على عقب؟
الأميرة هيا بنت الحسين - رحمه الله - ليست الأميرة الوحيدة التي هربت أو حاولت الهروب من دولة الإمارات المتحدة. ففي عام 2000م، حاولت إبنة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، شمسة البالغة من العمر 38 عاماً الفرار من منزل العائلة في مقاطعة "سَري" إلّا أنّ حظها السيء أعادها بعد بضعة أسابيع إلى قفص أبيها الذهبي، حين التقطها رجال والدها في بريطانيا "كامبريدج" وأعيدت ذليلة إلى دبي ومن حينها وهي مختفية عن الأنظار وعن مواقع التواصل الإجتماعي.
كما وحاولت أختها الشيخة لطيفة العام الماضي في فبراير/شباط 2018 م، الفرار على متن يخت من عُمان، غير أن فرصتها في الفرار كانت أقصر من أختها حيث تم تعقبها وأعيدت إلى مسقط رأسها في دبي.
لقد ذكرت ذات الصحيفة "Focus" أنّ دبلوماسي ألمانياً هو الذي ساعد الأميرة هيا بنت الحسين في الفرار لتصل إلى ألمانيا، كما وأكّد حماية الدولة لها وعدم قبول ألمانيا لأي وساطة لإرجاعها إلى زوجها وبالتالي دولة الإمارات العربية.
الشيخ محمد بن راشد يطالب ألمانيا لغاية اللحظة بعودة أبنائه مع وجود الرفض الحكومي الألماني رغم عدم التصريح من وزارة الخارجية الألمانية بشكل رسمي لغاية الآن وعدم تقديم أي تفاصيل عن الأميرة وأبنائها.
قبل أنّ تبدأ صحيفة "Sun" البريطانية في الحديث عن هروب الأميرة بدأت صحيفة "التايمز" ببث التساؤلات عن عدم ظهور الزوجين سويّة منذ آخر مايو/أيار الماضي، بالإضافة إلى ذلك عدم حضور الشيخ محمد بن راشد والأميرة هيا سباق الخيل المعروف والأول في العالم من حيث الأهمية "Derby Stakes"هذا العام، وهو أمر غير عادي لكليهما. فالأميرة هيا لا تترك هذا الحدث أبداً، كما أنّ الأمر بالنسبة للشيخ محمد بن راشد لم يختلف كثيراً، فتعتبر هذه المرة الأولى منذ 28 عاماً التي لم يحضر فيها الآخر سباق الخيل هذا.
بالإضافة لوجود الشيخ محمد وحده دون زوجته الأميرة هذا العام في منتصف شهر يونيو/حزيران في سباق الخيل في " "Ascot البريطانية، الذي ترعاه العائلة الملكية الإنجليزية، وهو السباق الذي تبدأ فعالياته بعد 20 يوماً من سباق "Derby Stakes".
وتزامن عدم ظهورهما سويّة وخاصة غيابهما عن هذه الفعالية الأكثر من مهمّة نشر الشيخ محمد قصيدتين على موقعه الخاص على الانترنت واحدة باللغة العربية والآخرى بالإنجليزية، يصف فيهما خيبة أمله من حبيبته وتركها إيّاه والشجون المليء بين الأبيات. أكّدتا هاتان القصيدتان ما كان في الأمس شائعات حتى تجاوز الأمر اليوم المشاكل الأسرية بين زوجين لتؤول إلى أزمات سياسية بين دول.
يبدو أنّ الأميرة هيا كانت تعاني هي أيضاً بأكثر منه بكثير من خيبات الأمل وبمدّة أطول بعض الشيء. فانعزلت كثيراً عن الأضواء وحتى الكترونياً، حيث كان آخر منشور لها في 7 فبراير/شباط صورة مع أبيها الملك المرحوم حسين، كتبت فيه الأميرة حجم فقدانها والدها بالإضافة إلى منشور آخر تحديداً على الفيس بوك قصيدة باللغة الإنجليزية "عندما تسقط الأشجار الرائعة" إن صحّت الترجمة، للشاعرة الأمريكية "مارجريت آن جونسون" المشهورة تحت إسم "مايا أنجيلو" والتي تملؤها خيبات الأمل وكثرة الألم والإحساس بالوحدة والتجاهل، وذكرت أيضاَ أنه بموت الأرواح العظيمة يمكن بداية حياة أخرى جديدة.
لا أظنّ اختيار الأميرة لهذه الأبيات جاء محضاً للصدفة في ظلّ الظروف التي تبيّن الآن من خلالها حجم الضغط التي عانته حتى اختارت هذا الخيار الأسوء والأكثر إيلاماً.
إعلان زواج الأميرة هيا البالغة من العمر آن ذاك 29 عام في 10 أبريل/نيسان 2004م، من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم 55 عاماً فاجأ الشارع الأردني والعربي في آن.
درست الأميرة هيا العلوم السياسية والفلسفة والاقتصاد في أكسفورد، وفي عام 2000م شاركت في الألعاب الأولمبية في سيدني فكانت أول أردنية وعربية تتأهل لمسابقة الفروسية وأول أردنية ترفع علم الأردن في حفل افتتاح دورة سيدني الأولمبية لعام 2000م، وكُرّمت في أولمبياد بكين 2008م بحمل الشعلة مرة أخرى.
هذه الأميرة الشابة نادرة الجمال بين أميرات العالم، الهاشمية الفارسة الأكاديمية من الطراز الرفيع تزوجت شيخاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، عمره آنذاك 55 عام ولديه 30 طفلا من ست نساء.
فكيف بالله سينتهي مثل هذا الزواج؟
تساؤلات كثيرة حول عدم إقامة الأميرة هيا في الأردن في ظلّ مملكة أخيها وأسرتها واختيارها بلد أوروبي وتقديم اللجوء فيه. ما هو حجم الشائعات التي تقول أنّها تعمّدت عدم العودة إلى الأردن لتجنيب المملكة الحرج واحتمالية نشوب أزمة سياسية مع دولة الإمارت؟ هل اختيار الأميرة ألمانيا بلد للإقامة لكي تتمكّن من عيش حياة طبيعية، وهي التي عاشت منذ ولادتها فقط في القصور بعيدة عن العوام؟ هل هي رغبتها الجامحة كمهرتها التي تبحث عن الحريّة والبساطة بعيداً عن القصور الإماراتية وعقدها؟
الأميرة الجميلة هي وحدها التي لها الحق بالإفصاح عمّا دار في خلجها وقت قررت ترك بلد الأحلام لتطلق الفارسة لخيلها العنان ويعيش حلمه وحلمها.
 حفظ الله جميلة الأميرات، الأميرة هيا.

الخميس، 27 يونيو 2019

مخرجات مؤتمر المنامة الإنفصامي/أحمد سليمان العمري


مخرجات مؤتمر المنامة الإنفصامي
دوسلدورف/أحمد سليمان العمري
بدأ أول أيام مؤتمر البحرين "السلام من أجل الإزدهار" يوم الثلاثاء 25 يونيو/حزيران ويعرف في الصحف الغربية بـ "Peace to Prosperity" الذي انعقد في العاصمة البحرينية "المنامة" ضمن خطة للسلام في المنطقة بإدارة أمريكية وتحديداً صهر الرئيس الأمريكي ترامب ومستشاره "جاريد كوشنير".

مع أول أيام ورشة العمل تزامنت موجة غضب شعبي عارمة في بعض الدول العربية كالأردن ولبنان والمغرب وامتدت لتصل العاصمة الألمانية برلين رفضاً للمؤتمر.
افتتح الورشة في يومها الأول المستشار الأمريكي  كوشنير بكلمة استمرت عشرين دقيقة عن ضرورة تهيئة الأجواء الملائمة للإستثمار، مشيراً إلى رغبة كثير من رجال الأعمال الفلسطينيين بحضور المؤتمر، إلّا أنّ عدم مشاركتهم كان وراءه منع السلطة لهم، في نفس الوقت أرجأ كوشنير عدم إمكانية إبرام إي مشروع استثماري في الضفة الغربية وغزة إلى كونهما معزولتان بالإضافة إلى الخوف من الإرهاب في المنطقة، على حدّ تعبيره، مضيفاً أنّنا بالسلام فقط نستطيع جلب المستثمرين إلى الضفة وقطاع غزة لتشمل مصر والأردن ولبنان.
تقوم خطة كوشنير على 3 محاور رئيسية، هي الإقتصاد والشعب والحكومة.
المحور الأول يتمثّل الجانب الإقتصادي في إنشاء بنية تحتية تتناسب وحجم الإستثمار في المناطق الفلسطينية بهدف تعزيز قدرات الاعتماد على الذات وإيجاد فرص عمل من خلال تقنين نسبة البطالة، والعمل على زيادة دخل الفرد. وتطرّق إلى أنّ 99 بالمائة من كهرباء الضفة الغربية من الخارج، كما ونوّه لوجود مولد معمل ديزل في غزة لا يعمل، وبالإمكان إعادة هيكلته ليعمل على تحويل الديزل إلى غاز وتمديد الأنابيب الملائمة لنقله.
والحديث عن طريق سريع وسكة حديد يربط بين الضفة وغزة بقيمة 5 مليارات.
وشدّد على تهيئة البيئة المناسبة للإستثمار من خلال الأمن والسلام، هذا لأنه سبق ودُمرت كثير من الاستثمارات التي ساهمت في تقوية البنية التحتية بسبب تفاقم النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

أما المحور الثاني "الشعب" فيجب العمل على تطوير الموارد البشرية من خلال تنمية المهارات والقدرات الموجودة عند الفلسطينيين لتتلاءم في مجالات كثيرة متعددة مع تنوّع الفرص الاستثمارية، وتطوير الرعاية الصحية وتحسين مستوى المعيشة، هذا بالإضافة إلى التعليم، حيث خُصّص 500 مليون دولار لإنشاء جامعة فلسطينية، المفترض أنّ تكون من ضمن  أفضل 150 جامعة دولية. هذا كلّه ليتم على أكمل وجه يجب تمكين الحوكمة - وهي المحور الثالث والأهم، الذي لم يقدّم عنه أي تفصيل عدا إسمه - لمنع أي عارض قد يهدّد هذا المشروع الضخم الذي تدارسناه بدقّة وعناية.
بعد الإشادة والإطراء بسياسة ترامب وعمله على تحسين مستوى المعيشة في بلده فإنه يرى من الضروري العمل على على تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين، حيث أنّ الأموال التي ستستثمر هي موزّعة على عدّة قطاعات مثل النقل والمياه والكهرباء والخدمات الرقمية والسياحة والتعليم والتصنيع والبنية التحتية بشكل عام، ولقد أشار إلى أنّه يعمل من خلال هذه الورشة لتغيير مسار التاريخ في المنطقة على مراحل، مطالباً الشعب الفلسطيني بالتفكير بمنطقية وواقعية أكثر.
كما وأضاف إلى أن هذا المشروع ليس كما هو متداول تحت مسمّى "صفقة"، إنمّا يأخذ طابعاً أكثر إيجابية، فهي فرصة القرن وليست صفقة.
ولقد طرح كوشنير تجربة العديد من الدول في ال 75 عاماً المنصرمة مثل سنغافورا وكوريا الجنوبية واليابان، بيرو والصين وبولندا، مضيفاً لضرورة تفادي الأخطاء التي وقعت بها هذه الدول أثناء نهضتها.
كما قال أنه يثمّن وجود الحضور لمواجهة التحديّات معه، وأنّ الحكومة الأمريكية ورئيسها ترامب ملتزمان لإيجاد مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
إذا طُبق هذا البرنامج على حدّ تعبير كوشنير فسيصبح بالإمكان زيادة قد تصل إلى ضعفي الناتج المحلي وتخفيض معدل البطالة.
يسعى الآخر لجمع 50 مليار دولار للبدء في المشروع من جهات عربية وأوروبية وأمريكية، بالإضافة إلى هبات وقروض مدعومة، حيث خُصّص 28 مليار للضفة وغزة و22 مليار لكلّ من الأردن ومصر ولبنان لتقوية الإندماج الاقتصادي بينهم بالإضافة إلى إسرائيل.
تضمّن تقرير كوشنير التسويقي 140 صفحة، غير أنّ القسم الذي عُرض على المشاركين في المؤتمر لم يتجاوز ال 30 صفحة، مضيفاً إلّا أنّ بقية المشروع متضمناً الجانب السياسي ستعرض بعد إنتهاء الإنتخابات الإسرائيلية في شهر سبتمبر/أيلول.

ولقد استضافت الورشة نخبة من رجال الأعمال على المستوى العربي والدولي مثل الإماراتي محمد العبار والأمريكي ستيفن شوارتزمان اللذان أشادا بمشروع كوشنير وجهوده حتى استطاع تقديمه بين أيديهم اليوم.
لم يتجاوز حديثهما الربح والخسارة بالمشاركة بهذا المشروع الضخم والمعادلات الرقمية ودون أي تعقيب على قضية الإنسان في فلسطين.
ومع انتهاء اليوم الثاني والأخير، البارحة الأربعاء 26 يونيو/حزيران لمؤتمر المنامة، نقف على عدّة نقاط في الورشة التي تجاوزها صاحب فكرة المؤتمر كوشنير في طرحه.
الفعالية كانت أشبه بالإجتماعات المالية للشركات أو المؤسسات غير الربحية في طريقة عرضها المشاريع للحصول على أكبر قدر ممكن من المال، فكيف لكوشنير استبعاد الجانب السياسي في قضية فلسطين؟ فقد تداول الطرح وكأن المشكلة هي اقتصادية بحته وليست قضية أمّة، قدّم الطرح الإقتصادي وبدأ حشد الأموال قبل التطرّق إلى سبل حلّ القضية السياسية في المنطقة وهي التي تعتبر اللبنة الأولى لبدء أي مشروع اسثماري بالحجم الذي يقدّمه، وكأنه انطلق من المثل الشعبي القائل "طعمي الثم تستحي العين".
لقد انطلق بخطته من تجارب دول مثل سنغافورا وكوريا الجنوبية واليابان، بيرو والصين وبولندا، مستثنياً الجانب الإحتلالي القائم في فلسطين، فالأَولى أنّ تكون المقارنة بدول تشترك بالوضع السياسي مع فلسطين، وليس وضع دول خرجت من حروب بإستقلالية قرار سياسي كامل.

المؤتمر لم ينجح فعلي كما يسوّق له، هذا لأن العالم العربي لم يقدّم كثير من الحماس، حتى الوجود العربي مثل الأردن ومصر وهما اللّتان لديهما اتفاقيات سلام مع إسرائيل وتتسلّمان مليارات الدولارات سنوياً من الحكومة الأمريكية، اقتصرت على إرسال وفود رسمية مثل وزير أو نائب أو مندوب مثل قطر والمغرب، أمّا مشاركة إسرائيل فقد اختصرت على إرسال وفد صغير من رجال الأعمال. أمّا السعودية والإمارات فرغم انشغالهما بالتهديات الإيرانية إلّا أنهمّا تواجداتا بالظلّ، مع سعي الدولتان للتخلّص من القضية الفلسطينية، لأنّهما تطمحا لإستقطاب إسرائيل كحليف عسكري في الحرب معهما ضد طهران.
 هذا مع الرفض العراقي والسوري والكويتي والأهم الفلسطيني، وأستحضر هنا مقولة رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري تهكّماً على ما يدور في المنامة حيث شبهه بالعرس والجميع حضور عدا العريسين.
التاريخ في الشرق الأوسط مليء بوعود بمليارات الدولارات، والتي سرعان ما تتبدّد بعد مؤتمرات غاية في اللمعان، كما أن التجربة التاريخية في الشرق الأوسط تظهر أنه بدون حلول سياسية مستقرة، من السهولة جداً التراجع بأسرع من التصوّر عن التقدّم الاقتصادي.
على سبيل الطرح فممرّ العبور بين غزة والضفة الغربية، الذي أشار إليه الآخر في خطته تم تصوّره بالفعل سابقاً ووفق عليه عدّة مرات  إلّا أنّه لم يتحقق في العقود الثلاثة الماضية.
المحور الثالث وفي إشارة إلى المحور الثالث ألا وهو "تمكين الحوكمة" الذي لم يقدّم عنه أي تفصيل أثناء الورشة، الواضح للعيان من خلال الخطة بأن المقصود بالحوكمة هي سيطرة حكومة واحدة على المناطق الفلسطينية والإسرائيلية، ولا أظن أنّ هناك من يعتقد بأنّ هذه الحكومة المقصود من ورائها هي السلطة الفلسطينية.
ومعنا أثناء تتبعنا لمؤتمر المنامة في البحرين كانت الدول الغربية أيضاً تنظر إلى الجانب الآخر من الخطة، فانتقدت الصحيفة الألمانية "Tagesspiegel" خطة "السلام من أجل الإزدهار" حيث يمكن ترجمتها على أنها "أن تأكل أو تموت" أو "الأرض مقابل السلام"، بل "المال مقابل السلام". ووصفت الجريدة خطة كوشنير للسلام أنّها غير مكتملة الأركان.
ما أشبه البارحة باليوم، من وعد بلفور إلى وعد كوشنير ومن 22 مليار دولار للأردن ومصر ولبنان كفيلة أن تعيدنا إلى النكبة 1948م ومعها تأسيس دولة الإحتلال ومنح سوريا مبالغ شبيهة لتستوعب معظم النازحين الفلسطينيين.


Back to top ↑

كلمات من العمري

في بداية خطابي أشكر زائريّ ممن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملوا في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو وصديقي الدكتور ضياء الزعبي - جزاه الله كل الخير- ولم يتركني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام ... المزيد
كن على تواصل واتصال معنا

© 2018 أحمد سليمان العمري.
Design By: Hebron Portal - Anas Amro .