‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأردن، مجلس البرلمان، البرلمان، النواب، السلطان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأردن، مجلس البرلمان، البرلمان، النواب، السلطان. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 10 سبتمبر 2023

السُّلطان ونوّاب البرلمان الحراميّة

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم


 

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري

«أبي أبي، قوم بدّي قصّة»، قالت لين؛ ابنتي تطلب منّي بلكنة اللغة العربية غير المُكتملة أن أقُصّ لها كالعادة قصص، فهي لا تكتفي بواحدة. لم أُجبها من شدّة التعب وقلّة النوم حدّ الإعياء، وعندما أيقَنَتْ أنني لا أتجاوب معها شدّت شعري بقوّة شديدة وانهالت عليّ عضّا صبابة وتقبيل وقالت: «أبي اروي لي قصّة السُّلطان والنوّاب الحراميّة». فاجأتني بعنفها المُفرِط بالحُنُوّ حتى استحضرت بالجملة كُلّ قصص المنافقين والسياسيين «الهمل» والسرسرية.

أجلستها في حجري وضممّتها إلى صدري، فأبعَدَت يداي عنها وفردت كتفيها الناعمتين وجلست بإريحية وأصغت.

 كان يا مكان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان سلطان باسم بهيّ الطلّة وبلكنة فصيح اللّسان، يجلس على عرش سلطنة الأحلام؛ محبوب عند شعبه الكريم المضياف؛ قهوتهم تراث وموسيقاهُم دقّات «المهباش».

حُرّاس حرملك السُّلطان العريان، وخاصّته لا يرون بالأمّة غير قطيع خرفان، والقانون سوط يُجلد به الكاتب الساخر كثير الكلام، ناصر المحبوسين في سجن السُّلطان؛ تُهمتهم قرقرة المعدة وسراويل أبنائهم المُمزّقة كأحلامهم، فقد أزعجت بطانة السُّلطان.

جرت العادة في سلطنة الأحلام تبديل أعمدة عرش السُّلطان والأركان في كلّ أربعة أعوام، حتى آل جُلّ دولة السُّلطان أعمدة وأركان، أمّا باقي الشعب رملٌ وحطامٌ وأعلافٌ لبهائم السُّلطان، وبعضهم أبواق تنعق بهيبة الأركان، وعسكرٌ جياعٌ ضَور تفتدي الحاشية والسُّلطان الشبعان، وكرماء القوم في مخمصة؛ حُرّاس حرملك السُّلطان العريان، وخاصّته لا يرون بالأمّة غير قطيع خرفان، والقانون سوط يُجلد به الكاتب الساخر كثير الكلام، ناصر المحبوسين في سجن السُّلطان؛ تُهمتهم قرقرة المعدة وسراويل أبنائهم المُمزّقة كأحلامهم، فقد أزعجت بطانة السُّلطان.

أمّا الأعمدة فهي مائة وثلاثون وعدد الأركان ثمان وعشرون، يختارهم السُّلطان من شعبه ويجعلهم خصاصته وبعض بطانته، شريطة إفقار الطائفة التي ينتقي منها قوائم دولته. وهكذا استمرت سياسة الدولة المُطمئنّين أهلها الراضين بفقرهم لبقاء العرش المتين والسُّلطان الحكيم، حتى ضجّ شبيبة الدولة المتأثّرين من شدّة الفقر والعوز بمملكة «الحُرّيّات الإفرنجية» فعرفوا أنّ ما يُروّج في دولتهم من حقوق وعدل وتشريع وصكوك غفران سُلطانية ما هي إلّا انتهاكات بوجه خرافات «وضحك على الشوارب» وخُزعبلات أزليّة؛ فخالفوا كبارهم وانشقّوا عن الرأي الصارم المُلتئم المُلتحم في قانون العشيرة والمناطقية «امشي الحيط الحيط وقول يا الله الستيرة»، فأشار مستشار السُّلطان بعد أن خرج الشُّبان عن العرف الجبان بأن يترك الأمر لهم لإختيار الأعمدة والأركان ويكُفّ عن نفسه سخطهم وقضايا نقدهم؛ يبدو أنّها غير مُنتهية.

نجحت فكرة مُستشار السُّلطان، وانقسمت الشبيبة وانشقّت على بعضها واختلطت أطماعهم بثوابتهم، فشابه جشع بعض الشبيبة جهل كثير الكُهول، وقام عرش السُّلطان من جديد بشراكة كبار العشيرة والقبيلة وزعماء الكُور العالية؛ صغيرها ورشيدها وأرعنها، فزادت أركان الدولة أعمدة وأركان وآل جُلّ الشعب من جديد إلى كلأ وتُراب، وعاد الفقر والعوز كما كان مؤطّراً بإقصاء الحُصفاء والعارفين.

تنافس أبناء العترة الواحدة وبينهم العقلاء والفُطناء لتقديم ركن وعمود للسُلطان؛ ظنّهم أنّه لهم رفعة وأنفة، وغاب عنهم بالحميّة الجاهلية تنفُّذ واحدهم على البقيّة؛ منهم العائل المُملق والعديم المُدقع، وهم السّواد الأعظم والطائفة «المستويّة».

وتهافتت رايات المُهنئين المنافقين وسُذّج وجهلاء، وبينهم لبيب حاذق وحصيف سويّ الراية سديد، اعتلى الركب حياءً أو مخافة إقصاء أو من خاصّته المذمّة؛ انصاع لتمكين تُجّار القضيّة بروابط شرفاء كوكبة عديّة.

سألتني ابنتي، ونحن من تراب هذه الدولة الأبية: «ما الذي منعك من دعم الأركان العسكرية وأثرياء صناديق المالية؟»، فقلت لها، يا ابنتي وببساطة؛ دولتنا لا تقيمها أعمدة أفقية أو عمودية، فهي بخط قصبة وقطرة حبر عفوية تهدم البرلمان وتُقيل صاحب الشرطة وحامل الصولجان وتُلغي الدستور والتشريع ومعهما كل صروح الديمقراطية والحُرّيّة. قُرّة عيني؛ الدولة بحاجة لساسة أُمناء، عملهم كضرورة حليبُك ووجعي ومتمرّسين بألمعيّة، يا حبيبتي أبناء القبيلة والكُور نختارهم عصبيّة فيشُدّوا بالهيمنة والجُلّ من وطأة الحراميّة، يا سويداء قلبي يقفون لنُصرة السُّلطان؛ ليس له من العمود والركن غير نفسه وجوع البقيّة، ويُمنُوك بتجنيد عسكري وتوظيف حارس بلديّة، نصحوه أكل «قلايّة البندورة» إقتداء بالأشراف وباعة «الحسبة المركزيّة»، وقالوا له عليك بالعدس فهو كاللّحّمة البلدية وخبز «الكراديش» فإنّه يُضاهي الأرغفة الألمانية والكعكة الفرنسيّة.

لين يا ابنتي الدولة ليست مضافة صلح عشائريّة تُنهي الحدّ والقصاص والحبس بهزّة فُنجان قهوة زُعبيّة أو عُمريّة، الدولة تشريع وأحكام القضاء تُضيّق وتقضي بالسجن بإسم الفتن والكراهية، وقرارت مخادعة يُسمّونها حيناً دبلوماسيّة، الدولة قلمٌ حُرّ وطفلٌ أمن المأكل وشاخ بالعفّة والكرامة حتى المنيّة، الدولة حقّ الفقير بعنق الوزير الزير كحقّ الضعيف عند الأمير، الدولة حقّ دواء العليل كالحقّ في الداء بجسد الوالي وأمينه الغرير، ولا نتحدّث عن التعليم، فقد أقفلوا المدارس وأقالوا المُعلّمين، لأننا ختمنا العلّم واحترفنا الكلام والتنظير.

أمّا حُرّيّة التعبير فقد اختزلوها بنهج خطير، قانون الجرائم الألكترونية المرير؛ صوّت عليه النوّاب الحرامية، فأفضى إلى سابقة قانونية، تجاوزت النزاهة وهدرت الحقوق والحُرّيّات وجميع الأعراف الإنسانيّة، وانتهكت ما يقوم عليه الدستور والمبادئ القضائية.

يا ابنتي وأمي الصغيرة الزّكيّة؛ أركان دولتنا وأعمدتها العتيّة ركيكة هشّة قائمة على اختيار الأغلبية، والأغلبية تُقدّم القريب رغم جهله بالحُكم والأمور السياسيّة، لكنّه ابن العم فهو الأولى بالأريكة الجلديّة تحت القُبّة البرلمانيّة ونصيبه محفوظ من اللصوص وأصحاب الجوازات الدبلوماسيّة، وله الحق بالتصويت على القرارات العنجهيّة الإستخفافيّة، فهو ابن العشيرة أو الأقاليم الجهويّة.

 يا حبيبتي كُلّ أعمدة دولتنا، الوزاريّة والبرلمانيّة والمؤسّسيّة والفعليّة والأسميّة والكرتونية معروفة لهذا وسدُّ جميل لذاك واحتواء معارض الأمس سليط اللّسان لتقويض الحقيقة وتقديمها مرّة أخرى على شكلّ منسف و «الجميد مليحيّة».

أركان الحُرّيّة وأعمدتها والقانون الآن و معه القضاء في دولتنا  كلُّها أضغاض أحلام وأباطيل وقصّص «محمد الشّاطر» و «جعيدان» ومخازن القشّ الذهبية؛ لا يسمعها ولا يعرفها غيرك أنت حبيبتي وأشراف البريّة.

أبي وما علاقة الكاتب الساخر بالقانون وتصويت النوّاب الحراميّة الذين خانوا أمانة الشعب بألمعيّة؟ لأنّ لسان الكاتب هذا يا ابنتي بسبع شُعب، وكُلّها تقول على لسان أبناء الدولة الأبيّة، وترفض الظلم من ثُلّة صغيرة يضربون بسيف السُّلطان، فيَسجِنون ويعتقلون ويَسُنُّون القوانين العرفيّة.  

وهكذا بنيّتي حبيبتي هنأ بال السُّلطان الوسيم، فسكن القلوب وصار يُنادي بالإصلاحات السياسية وتفعيل الأدوار الشبابية ورفع سقف الحُرّيّة، فأثخنت الأجهزة الأمنية بالقمع والإعتقال ووقّع النوّاب الحراميّة على الإتفاقيات الإذلالية وسَنّوا فرمانات بيع الأوطان والجرائم الإلكترونية، فأذعنت رعيّة سلطنة الأحلام للّجام وانتظروا كرم حاشية السُّلطان منحهم السّرج للأمان وسلامة الأحلام.

Ahmad.Omari11@yahoo.de

Back to top ↑

كلمات من العمري

في بداية خطابي أشكر زائريّ ممن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملوا في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو وصديقي الدكتور ضياء الزعبي - جزاه الله كل الخير- ولم يتركني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام ... المزيد
كن على تواصل واتصال معنا

© 2018 أحمد سليمان العمري.
Design By: Hebron Portal - Anas Amro .