الأربعاء، 12 مايو 2021

أحرّ أيات التبريك والتهنئة بعيد الفطر المبارك للأمّة جمعاء

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  4:45 م   بدون تعليقات


أحرّ أيات التبريك والتهنئة بعيد الفطر المبارك للأمّة جمعاء، مؤطّرة بالدعاء لأهلنا بفلسطين عامّة والأبطال الأشاوس الصناديد في غزّة خاصّة.







 

الأربعاء، 14 أبريل 2021

أزمة الأمير الشّريف حمزة وضعت الأردنيّ على المِحكّ

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  8:44 ص   الأمير حمزة، الأردن، الملك، مؤامرة بدون تعليقات


الأمير حمزة

بسم الله الرحمن الرحيم 

دوسلدورف/أحمد سليمان العمري 

عاصر الشارع الأردنيّ منذ يوم السبت 3 أبريل/نيسان 2021م ولغاية 5 أبريل/نيسان أيام عصيبة حتّى أقرّ الملك عبدالله الثاني في التعامل مع موضوع الأمير حمزة ضمن إطار الأسرة الهاشمية الملتحمة، فقد أوكل لعمّه الأمير حسن بن طلال الذي تواصل بدوره مع الأمير حمزة الذي أكّد من خلال رسالته من بيت عمّهما أنّه يضع نفسه بين يديّ جلالة الملك وبقائه على عهد الآباء والأجداد وفياً لإرثهم سائراً على دربهم ليقطع بذلك دابر المتآمرين المتملّقين بعباءة الولاء والميثاق. 

شهدت عمّان يوم السبت حملة اعتقالات طالت الشّريف حسن بن زيد وباسم عوض الله ومدير مكتب الأمير وبعض مرافقيه وآخرون بتهمة تحركات ونشاطات توظَّف لاستهداف أمن الدولة، كما وأخضعت قيادة الجيش سُمُوّ الأمير حمزة قيد الإقامة الجبرية. في هذه الأثناء كانت التغطية الرسمية في الأردن حول جمال الجسور في العالم والشارع الأردنيّ يشتعل ويستقي تطورات الأحداث عبر القنوات الخارجية أو تكهّنات الإعلام الموازي ليظهر الأمير من خلال فيديو وجّهه للعالم باللغة الإنجليزية والعربية بثّته قناة العربية ويصدم محبوب الأردنيين كلّ الأردن بخطاب حزين يبرأ من الفساد والتغلغل في مؤسّسات الدولة والتنفّع والتنفّذ من مجموعة صغيرة على حساب الوطن؛ قربه من الشارع يُدفِعه الثمن وتُخضِعه رئاسة هيئة الأركان العسكرية والمخابرات للإقامة الجبرية وعزله كليّاً عن العالم الخارجي. 
 في الأثناء صرّحت المصادر الرسمية في مؤتمر صحفي عُقد في 5 أبريل/ نيسان قدّمه نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي تضمّن إتهمام صريح للأمير حمزة بنشاطات وتحركات تستهدف أمن الأردن وربط اسمه مع أكثر الشخصيات الأردنيّة تنفّعاً، اقترن اسمه بملفات فساد كثيرة، باسم عوض الله. 
وقعت هذه التصريحات على مسامع الأردنيين كالصّاعقة وسابقة لم يعرفها الأردنيّ ولا الأسرة الهاشمية، فقد عُرف الأمير بقربه من الشارع وحديثه بنبضه ليفوز بقلوبهم ويذكّرهم بوالده المغفور له، ملك القلوب الملك حسين. لقد حمل المؤتمر الصحفي توجيه صريح للأمير ووضعه أمام خيارين، إمّا التسوية داخل العائلة - وهذا الذي حصل - أو مثوله في محكمة أمن الدولة، وبذلك رفع الغطاء عنه، ناهيك عن ضبابية المؤتمر الذي لم يتّسم بالشفافية على الإطلاق. 
بينما تصريحات رئيس الوزراء بشر الخصاونة سحبت يوم 12 أبريل/نيسان الخيار العائلي لتبقي مثول الأمير حمزة أمام محكمة أمن الدولة بتهمة التآمر كخيار أخير لا بديل له، وذلك في جلسات مغلقة لمجلسي الأعيان والنواب، الذي قدّم الخصاونة فيه شرحاً «عن طبيعة العلاقة والاتصالات بين المعتقلين الثلاثة الأبرز في ملف المؤامرة» حسب صحيفة القدس العربي. 

 إذا صحّ النقل فيعتبر هذا تصريحاً صريحاً بإعتقال الأمير حمزة، فالقول «بين المعتقلين الثلاثة الأبرز» واضح لا يقبل التأويل، هذا لأنّ المقالة لم تتطرّق بالإسم لغير ثلاثة أشخاص والأمير واحد منهم؛ هذا الطرح هو ذاته الذي قدّمه الصفدي - وهو اتهام صريح للأمير بالخيانة - مع بعض الجزئيات التي قُدّمت بهالة دلائل واهية. 
بينما عوض الله كان يتنّقل بين السعودية والإمارات العربية وتربطه بينهما علاقات سياسية واقتصادية بالإضافة إلى حديث يتناوله الإعلام عن نشاط مشبوه مع الإمارات لشراء الأراضي والمنازل في القدس القديمة لصالح إسرائيل. وعوامل مشتركة جمعت بين الشّريف حسن بن زيد والأخير تمثلّت في حسن علاقتهما مع ولي العهد محمد بن سلمان وحملهما الجنسية السعودية، وكلاهما أيضاً كان موفد عن الأردن لدى السعودي. 
في هذه الأثناء تصاعدت فكرة المؤامرة على النظام الأردنيّ في العالم بعد التصريح الرسمي للصفدي لتتصدّر الصحف عناوين إنقلاب في المملكة، فقد حمّل المؤتمر هذه الإعتقالات مفاهيم بغاية الخطورة دعّمت فكرة المؤامرة، لتتسابق الدول بتقديم الدعم لسيادة الأردن وبعضها كانت ترسل رسائل التأييد بالشمال وتضع خنجراً باليمين، فضلاً عن الإجراءات الظالمة القاسية التي نفذتّها قيادة الجيش بحق الأمير بدلاً من تدخّل الجهات المختصّة ووضع الدولة بحالة طوارىء مبالغ بها دون حاجة، وفتح المرتاج بشقّيه للأنفس المريضة الوصولية الانتهازية للنيل من سُمُوّ الأمير وهم ينالون بذلك من الملك نفسه، وآخرها مقالة نشرتها جريدة الغد الأردنيّة لفهد خيطان منحت المتلقي إحساساً بأنّ الأخير هو طرف استخباراتي، فإدانته الصريحة لسُمُوّ الأمير، لا بل سرد تفاصيل حول تواصله المزعوم مع باسم عوض الله ومحمد دحلان هي دلالة إطّلاع كامل على مجريات التحقيق - وهذا خرق - أو توظيفه لتهيئة الشارع لما ينتظر الأمير حمزة، متمثّلة بمثولة كمتآمر أمام محكمة أمن الدولة؛ وكلاهما كالهارب من التشبيه ليقع في التعطيل، وليست الأولى بأقل شرٍّ من الأخيرة، أو علّ ظنّ خيطان أنّ الولاء للملك مقرون بالضرورة بركوب موجة الإدانات الخطيرة الأخيرة، وهذا جهل ومصاب جلل. 

الوضع الراهن يقدّم خلاصة تتمثّل بكلمات رافضة دبلوماسية؛ تتأرجح بين انتظار التصريحات الرسمية لتجرؤ بالطرح أو تكتب بالقدر الذي يسمح به نظام الدولة، وأخرى تتبنّى أي طرح حكومي ليُعزّز من «التسحيج» والمساهمة بالتخلّف ويبرّر ضبابية التحيّز الرسمي وسكوت خيّم على البيت الأردنيّ بعد خطاب الملك الأخير مؤطّراً بتساؤلات كثيرة، فقد «وئدت الفتنة» حسب تعبير الملك بخطابه الخطّي الأخير، إلّا أنّ نصّ الرسالة قد لا يدين الأمير ولكن لم يبرئه، كما أنّ نصّ الرسالة «حمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي» يحتمل معنيين الأول طمأنة الشارع والآخر عدم رفع قيد الإقامة الجبرية عنه. 
 بالإضافة إلى التضارب حول زيارة وفد سعودي يوم الاثنين 5 أبريل/نيسان للمطالبة بالإفراج عن باسم عوض الله حسب بعض المصارد وأخرى رسمية أردنيّة تتحدّث عن زيارة تضامنية لا غير. 

زيارة وزير الخارجية السعودية عقب اعتقال الأخير تؤكّد وضعاً غير سوي للعلاقة مع عرّاب الفساد والأحداث التي تسبّبت التصريحات الرسمية المبالغ بها بتأزّم الدولة برمّتها ووضعها في حالة تأهّب غير مبرّرة. عندما نتحدّث عن انقلاب، فالحديث يكون عن تواطؤ جهاز المخابرات وقيادة الجيش والداخلية، أمّا إذا كانت الاعتقالات التي أوكل إليها هذا الاتهام لا تتجاوز شخص هو خلاصة فساد حكومي مُعضل وطاقم مرافقي الأمير ومدير مكتبه، فيجب أن يكون الحديث هنا عن شيء آخر أكثر بعداً عن تهديد أمن الدولة. 

فهل حملة الإعتقالات بوزن هؤلاء الأشخاص كافية لإنقلاب أو ضعضعة الأمن؟ أم علّها أكثر من «قرصة أذن لتصل إلى كسر رُكبة ورسالة بمثابة إنذار لتحجيم الحريّات؟». 

أصابع الإتهام تشير إلى السعودية والإمارات وعدم استبعاد تورّط اليمين اليهودي حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في تقرير موسّع حول الأحداث الأردنيّة، لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المعادلة، ما هي مصلحة الدولتين للإضرار بأمن الأردن؟ وخاصّة مع تزامن توقيع اتفاقية الدفاع الأردنيّة الأمريكية بتصريحات الاحتلال عن إنشاء سكّة حديد تربطها مع الإمارات مروراً بالأردن والسعودية. 
أليس الأجدر الحفاظ على العلاقات الأردنيّة على الأقل لتأمين المشروع الإمارتي مع الإحتلال؟ المقام يحتاج إلى أكثر من استطراد لكشف التواطؤ الذي تقرّة مجموعة متنفّذة على حساب وطن، ولتوضيح ما قدّمته الإتفاقية يحتاج لأكثر من تساؤلات في مقال. 

الأزمة التي يمرّ بها الأمير حمزة وضعت الأردنيّين على المِحكّ، فرغم حبّهم للأمير وتوظيف هذا الودّ من بعض الجهات الحاقدة المغرضة وأعداء الدولة ليخلقوا شرخاً في الأمّة جرّاء الأزمات الإقتصادية وتفاقم المديونية وتهالك المنظومة الصّحّيّة والتعليميّة التي تمرّ بها الدولة، إلّا أنّهم مجتمعون على وحدة الصّف أمام أي فكرة أو خطوة تهدّد أمن البلاد. 

 الأردنيون ينتقدون أداء الحكومة وضعف المؤسّسات وهشاشة البرلمان دون هوادة ويختلفون بالمبتدأ والخبر، غير أنّهم ملتفّون حول مؤسّسة العرش. لذلك كان بالإمكان تقديم لائحة الإتهام بشكل أكثر موضوعية وواقعية تتناسب وحجم الأزمة دون تهويل والحفاظ على أفراد العائلة الهاشمية - أبناء الحسين رحمه الله وطيّب ثراه - وعدم التسرّع بتقديم التهم إليهم حتى تطاول المتملّقون المخادعون على الأمير الشّريف، وكان البعض على استعداد لتقديم الكثير من الدناءة ظنّهم أنّهم بذلك يتقرّبون. حمداً لله على سلامة الأردن والأمير، فقد كانت الأيام الأخيرة بمثابة الحمّى أصابة الجسد الأردنيّ، وكلّ عام وأنتم بخير.

السبت، 27 مارس 2021

مستشفى السّلط فاجعة الأردن

 

مستشفى السّلط الحكومي

دوسلدورف/أحمد سليمان العمري

«الإنسان أغلى ما نملك» 

هذا هو شعارنا في الأردن، يتناقله ساسة البلاد وتعرضه الشاشات والصحف الرسمية وغيرها ظاهرها حُرّ وباطنها صوت حكومي متعب من حجم الخداع الذي يسوّقه للشعب في الصبيحة مع صوت فيروز والعشيّة في السمر وقبل النوم مع  المعوّذات، حتى أنّ بعض الشارع الساذج آمن بالشعارات من كثرة سماعها، أو علّه ردّدها كصوفي بجلسة ذكر مع الأموات.

في ظهيرة يوم السبت 13 مارس/آذار تلقينا خبر الفاجعة التي ألمّت بنا، جريمة لا تغتفر بحق الأردن وكلّ أردني، وليس المغبونُونَ أهل ضحايا الإهمال فحسب، لا بل هو تعدّي مع سبق الإصرار؛ وفاة تسعة أشخاص في مستشفى السّلط الحكومي، لم يكن السبب مرض عضال أو ندرة أدوية شحيحة أو كوادر طبية تشبهها ندرة، بل جرّاء إهمال حكومي بأقل مسلّمات المستلزمات الصّحّيّة لأي مركز؛ عبوات أكسجين لتزويد المرضى المحتاجين.

ما يبعث على الغضب والسخط وما هو أكثر منهما تصريحات الحكومة ممثّلة بوزارة الصّحّة عن أعداد وفيات فيروس كورونا والإصابات، بينما لا أحد منهم معني بالنهوض بالمنظومة الصّحّيّة المتهالكة، وخاصّة بظلّ الظروف الحالية من تفاقم انتشار الفيروس بشكل لافت للنظر.

تعديل وزاري يتبعه تعديل وزاري آخر، حلّ برلمان وتشكيل غيره حتى آلت مخصّصات الوطن إلى مِنح على شكل حقب دبلوماسية وعلى حساب من لا يجد الدواء والسرير في مستشفى حكومي، ناهيك عن رواتب ومخصّصات تصل أو تزيد عن راتب وزير في إحدى الدول العظمى.

حكمت محكمة ألمانية قبل أيام على وزير مالية أسبق «أنجولف دويبل» بالسجن عامين لإساءة الأمانة في مشروع حلبة سباق السيارات فورمل 1 «نوربورغرينغ»، وحرمانه من تقاعده كوزير البالغ 6700 يورو؛ نحن نتحدّث هنا عن راتب وزير مالية ألماني، بينما يصل متوسط دخل الفرد إلى 2000 يورو. وآخرون من الحكومة الإتحادية بعضهم من الحزب الحاكم ثبت تنفّعهم من خلال شراء كمامات بمبلغ 250.000 يورو وتهرّب ضريبي؛ الحقيقة مبالغ تعتبر فتات ولا تقارن بالتي تخرج على حسابات خاصّة خارج الأردن. إذن، أين هي معضلة مكافحة الفساد في بلادنا، عدم تقديمهم للقضاء أم إخفاق القضاء وتواطئه؟ أم علّ الآلية الحكومية تنتهج الضعف والمحاصصة كنظام دولة!

وما هو قياس الدولة بحجم بلادنا الذي تتّكئ عليه في رفع راتب المسؤول ليصل إلى راتب وزير في ألمانيا أو حتى نصفه؟ بينما يصل معدل دخل المواطن الأردني إلى 300 دينار، وقد يقلّ أو يزيد. هذا في ذات الوقت الذي تتراجع به المنظومة الصّحّيّة الحكومية ومعها التعليم. أيهم الأولى تقاضي رواتب ومستحقات لا تتناسب أبداً وميزانية الدولة المتهالكة بمديونية تتجاوز كمّها وعدد السكان؟ أم تقنين فجوة الدخل بين الحاكم والمحكوم؟ بحيث نخلق توازن من شأنه استثمار ما لا يستحقّه مدير المؤسّسة وتوظيفه للأخيرة حتى يعود النفع للمواطن وإنجاز العمل المؤسّسي وتطوّره.

الفساد قائم في كلّ الدنيا، حتى في أكثر الدول حقوقية في العالم، العبرة بكم التنفّع وقضايا الفساد التي لا تصل لسلامة الإنسان وأرواح البشر، علّ المنظومة الصّحّيّة ومعها نظام الدولة، ثوابتها وضوابط ومسلّمات لا يمكن المساس بها، وهي صحّة الإنسان وحياته، ما دون ذلك فالفساد موجود منذ الأزل ولن ينتهِ. وجزئية بذات الأهميّة وهي قِوام الدولة والحساب والعقاب، فهل قِوام الدولة قائم على العدل والإنصاف؟ فإذا كان الأمر كذلك سهلت المساءلة والحساب، أمّا إذا كانت الهيكلة برمّتها مبنية على تقسيم الحصص وتقديم الودّ على الاستحقاق، فمحاسبة رئيس الدولة أو وزرائه ومدراء المؤسّسات الذين قبلوا بالمشاركة بنظام متهالك ليست حلاً، وهذا لا يعني عدم المحاسبة بما يتناسب وحجم الكارثة.

 كنّا نعيب على دول الجوار وإذا بنا يعاب علينا أكثر، حكومة ليست أهلاً لما أنيط إليها من مسؤولية، فإذا كان مستشفى السّلط لا يملك أكسجين كفاية أو أجهزة تنفّس فلماذا يستقبل مرضى من الأصل؟ الإغلاق وتحويله لكراج سيارات مسؤولي السّلط وعمّان والأردن عامّة أولى، غير ذلك فإستقبال المريض من البداية انتهاك، وحال مستشفى السّلط الحكومي نستطيع قياسه على جميع مستشفيات المملكة بالمطلق، فلو تحدّثنا مثلاً عن مستشفى الأميرة بسمة، وهي أكثر بعداً عن مؤسّسة صحّيّة بالمعنى الحقيقي لمدينة عدد سكانها أقل من مليوني نسمة لاعتبرناه رمزاً لتهالك وزارة الصحّة ومن ورائها الحكومة.

نحن الآن بأمسّ الحاجة لأجهزة تنفّس وأقلّها الأكسجين، فلماذا لا تكثّف الدولة جهودها لتأمين هذا الإحتياج الملحّ؟ وخاصّة ممّا نعانية جرّاء كورونا وازدياد الاحتياج لأجهزة تنفّس وأسرّة العناية الحثيثة.

المشكلة الحقيقة التي تعانيها الأردن ليست نهج رئيس حكومة فحسب، فقد تعاقبت الحكومات واحدة وراء الأخرى مخلّفة وراءها كمّ من المديونية والمصائب على عاتق الإنسان البسيط، نحن بحاجة إلى إعادة بناء المنظومة الحكومية برمّتها، وهذا يحتاج في بلادنا إلى قرار سيادي لتفعيل دور البرلمان المعطّل ومعه الأحزاب وفتح الباب لأصحاب الفكر والسياسين المهمّشين المبعدين عن المشاركة في القرار السياسي وإشراك المجتمع المدني، ما دون ذلك لن يغيّر إقالة رئيس الوزراء الحالي بشر الخصاونة أو مساءلته، ولا الحكم على وزير الصّحّة ومدير مستشفى السّلط شيء، وإلّا ترتب علينا منذ اللحظة إقالة جميع مدراء المستشفيات الحكومية، كونها فاقدة مواصفات المؤسّسة العلاجية بدءاً من نقص الكوادر الطبية مروراً بنقص الأدوية أو عدم تواجدها حيناً كثيرة والمستلزمات الضرورية كأنابيب الأكسجين، وهي بديهيات في المراكز الصّحّيّة والمستشفيات، وانتهاءً بأجهزة التنفّس ومعدات الإسعافات الأولية وأصغر جزئية لمؤسّسة صحّيّة.

الآن هي فرصة البرلمان للوقوف على هذه الحادثة البشعة ومحاسبة المسؤول وتفعيل دوره التشريعي لإعادة ثقة المواطن به وترميم إنهيار النهج الحكومي أو استبداله كلّه، وتخلّصه من سيطرة السلطة التفيذية، ما دون ذلك علينا الإستعداد لإستقبال فواجع كالتي نعيشها الآن ونتألمّها مع ذوي الضحايا في السّلط.

وبظلّ الظروف الحالية المحبطة وترابط الإخفاق الحكومي في جميع الأصعدة وتحديداً الصّحّيّة وتفاقم الإصابات والوفيات من وراء الفيروس علينا - نحن المواطنون - واجب كبير، وأكبر من الشعوب الأخرى التي تؤمّن لها حكوماتها  كلّ الوسائل وإتاحة السبل للخروج من هذه الأزمة، ممثّلة بنشر الوعي الفكري والصحّي بما يتناسب والوضع الراهن الحرج حتى نتجاوز هذه الجائحة السياسية والفيروسية في آن لتقصير المؤسّسة الحكومية المُعيب في تأمين أدنى حقوق المواطنة.

المثير للإستهجان والإستياء هي المساعدات الخارجية الهائلة التي تدخل الأردن دون أن تترك أثر إيجابي وتطوّري، فقد بلغت المنح الألمانية وحدها بين عام 2012م و 2018م 1.9 مليار يورو، كما وأبلغت الحكومة عن حاجتها إلى 7.7 مليار دولار أمريكي للأعوام بين 2017م و 2019م حسب تصريح الوزارة الاتحادية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

ولعام 2020م تصدّرت الولايات المتحدة الأميركية المركز الأول في قائمة الجهات المانحة، تلاها الإتحاد الأوروبي وألمانيا، إضافة إلى الدول العربية وغيرها من الدول وصناديق متعددة التمويل، حيث بلغ إجمالي المنح والمساعدات الخارجية المتعاقد عليها والملتزم بها للأردن حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 3.7 مليار دولار حسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

‏الخطوة الأهم والضرورة الملحّة الآن، بالتزامن مع محاسبة كلّ مسؤول عن فاجعة الأردن في مستشفى السّلط هي مسؤولية العمل الحكومي الفوري على تفقّد المستشفيات الأخرى والمراكز الصّحّيّة وتأمينها بما يكفي من الأكسجين - وهي من مسلّمات المؤسّسات الصّحّيّة - والمستلزمات الطبية وأجهزة التنفّس لتفادي كارثة أخرى.

احتفلنا منذ أيام بذكرى معركة الكرامة؛ انتصر الفلسطيني والأردني ببندقية ومِعول أمام دبابات العدو، والعرب اليوم لديهم ترسانات أسلحة فتّاكة يغزلون بها قصائد مجد كرتونية ويخوضون بها معارك إلكترونية وبأحسن حال بلاستيكية. ‏نحن الآن بأمسّ الحاجة إلى كرامة كي نعيد أيام معركة الكرامة.

وتناقلنا إبرام «الاتفاقية الدفاعية» المُهينة المُعيبة بين الأردن والولايات المتحدة، التي لم يوقّع عليها مجلس الأمّة والبرلمان.

إذن هل انتهت قضية مستشفى السّلط بتغطيات إعلامية بشجب وغضب وتارة ذكرى وأخرى استنكار وتمهيش كما تلاشت غيرها من المآسي الأردنية من وراء إهمال حكومي وانهيار منظومة صحّيّة دون إعادة هيكلتها وبدل ذلك تقديم خطوات لا تصل حد مستوى الترميم لبيت متهالك؛ فليكن إنصافاً شعارنا في الأردن الإنسان أرخص ما نملك.

عظّم الله أجرك يا أردن

Ahmad.omari11@yahoo.de

خطاب الأمّة

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  3:01 م   بدون تعليقات

 


الخطاب الوحيد المعني برقيّ الإمّة هو الذي يوجّه لكلّ شرائح المجتمع على اختلاف منابتهم وافتراق النحل والملل والدين؛ للمسلم والمسيحي والملحد وإلى ذاك التّائه - باللّاوعي - بين الإلحاد والإعتقاد.

التعدّدية وإختلاف الآراء هما الطريقان الوحيدان لخلق النجاح في الدولة، لما له من قيمة جوهرية في مكافحة الفساد، وإلّا سُجن الفكر داخل مرآة الأنظمة التي لا تسمح بغير الوجه الفاشل في الأخيرة؛ وواقع أنظمتنا خير دليل، كما حقيقة نجاح سياسات الدول المتفوّقة.

السبت، 27 فبراير 2021

العرب الحالمون بصلاح باي-الدين الأمريكي

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  12:16 م   بدون تعليقات

 دوسلدورف/أحمد سليمان العمري -اقتصرت مراسم التنصيب الأمريكية هذه المرّة كغير المعهود على حضور محدود، وذلك بسبب القيود المفروضة لمواجهة انتشار كورونا مؤطّرة بإجراءات أمنية مكثّفة لتأمينها في مبنى«كابيتول هيل» عقب اقتحام المقر من مؤيدي ترامب في 6 يناير/كانون الثاني، كذلك عدم الحضور المعيب لسلفه «دونالد ترامب» المتوقع، ليخالف بذلك التقليد الأمريكي.


كانت أول تصريحات «جو بايدن» بعد ساعات من أداء اليمين إبطال أبرز قرارات ترامب، وأهمّها تغيّر المناخ والهجرة وإعادة الإنضمام إلى «اتفاق باريس للمناخ» المبرم في 2015م، كما وتهدف حكومته - مثل البلدان الصناعية الأخرى - إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050م، وإلغاء التصريح الرئاسي لخط أنابيب «كيستون» المثير للجدل من كندا إلى أمريكا، والذي احتجت عليه الحكومة الكندية بشدّة، كما وأنهى حظراً على دخول مواطني عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة، بالإضافة إلى المساواة بين الأعراق والأجناس، والعودة إلى منظمة الصحة العالمية، وما سيتمخّض عنها من تحسّن في فرص التعاون مع الدول الأخرى والتعامل مع كورونا والأوبئة المستقبلية، إلّا أنّ التغيّر الذي - قد يصفه البعض بـ «الجذري» - لن يعيد كثير القرارت إلى ما كانت عليه في سابق عهدها.


حاول دونالد ترامب حتى آخر 48 ساعة له كرئيس العبث بالقرارات لتعقيد المهمّة أمام خلفه، حيث أمر الأخير يوم الاثنين 18 يناير/كانون الثاني 2021م برفع حظر الدخول المتعلّق بكورونا للأجانب من معظم الدول الأوروبية والبرازيل الساري منذ مارس/آذار من العام الماضي، بدءاً من 26 يناير/كانون الثاني، إلّا أنّ المتحدّثة بإسم البيت الأبيض «جين بساكي» صرّحت أنّ قرارات الأخير لن يتم تنفيذها بسبب الوضع الوبائي الدراماتيكي، لا بل من المتوقّع تشديدها.


لقد فرضت إدارة ترامب يوم الثلاثاء 19 يناير/كانون الثاني 2021م عقوبات على مشروع خط الأنابيب الألماني الروسي «نورد ستريم 2» وبهذا نفّذ الرئيس المنتهية ولايته القرارات التشريعية التي أقرّها الكونجرس عام 2019م بأغلبية كبيرة من الحزبين. لذلك، لم يكن هناك اعتراض من جهة بايدن، بدلالة التصريحات السابقة للأخير ووزير خارجيته «أنتوني بلينكين» التي تشير إلى أنّ الحكومة الجديدة ستتّخذ إجراءات أكثر حسماً ضد مشروع خط الأنابيب، حيث تتهم الأخيرة ألمانيا بجعل أوروبا مع استكماله معتمدة بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية، ممّا قد يؤدي إلى صراع مع حكومة «أنجيلا ميركل» المتمسّكة بالمشروع. من ناحية أخرى يتهم أنصار نورد ستريم 2 الولايات المتحدة بأنّها تريد جرّاء ذلك التسويق لغازها المسال بشكل أفضل في أوروبا.


وعود بايدن بحلّ الدولتين


ما إن تمّ تحديد بايدن كفائز في الانتخابات الرئاسية حتى فتحت السلطة الفلسطينية القنوات الدبلوماسية التي أغلقتها في ظلّ إدارة ترامب، فقد أجرت السلطة الاتصالات الأولى مع الإدارة الأمريكية، وزار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأردن ومصر لإجراء محادثات تنسيقية، كما استأنفت حكومته التعاون مع إسرائيل الذي كانت قد علّقته في مايو/أيّار رداً على خطط الضّمّ الإسرائيلية.


يبدو أنّ بايدن سينفّذ بعض وعوده تجاه الفلسطينيين بما لا يتناقض ومصلحة إسرائيل، حيث عزم الأخير على استئناف تقديم مساعدات كان دونالد ترامب قد أوقفها، فضلاً عن استئناف نشاط البعثات الدبلوماسية، بالإضافة إلى تأييد بايدن «الشكلي» بحلّ الدولتين لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حسب تصريح «ريتشارد ميلز» القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى الأممّ المتحدة.


وهذا ما صرّح به إبّان حملته الإنتخابية في لقاء افتراضي جمعه بمتبرعين يهود أمريكيين يوم الثلاثاء 19 مايو/أيّار، حيث بدا كثير الحنكة، فقد قال بأنّه سيعكس سياسات ترامب تجاه إسرائيل، والتي تضرّ وتقوّض بشكل كبير آلية السلام مع الفلسطينيين، ومعارضته «بنيامين نتنياهو» مشروع الضّمّ، متعهداً في ذات الوقت بالحفاظ على مذكّرة التفاهم لعام 2016م التي أُبرمت بين إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق «باراك أوباما» وإسرائيل، والتي تُخصّص لإسرائيل 38 مليار دولار لمدّة عشر سنوات، على الرغم من طرح بعض منافسي بايدن السابقين طيلة الإنتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي استخدام منع المساعدات كآلية لردع الحكومة الإسرائيلية عن تفعيل قرارات تضرّ بحلّ الدولتين.


بالمقابل كان قد نوّه الأخير أثناء حملته بأنّه لن يسعَ لإعادة السفارة إلى القدس لوضعها السابق كقنصلية، كما لم يتطرّق إلى العمل لمنع الضّمّ إذا قامت حكومة نتنياهو بإقرارها قبل انتخابات نوفمبر 2020م، وأنّه ملتزم بقانون «تايلور فورس»، الذي أُبرم عام 2018م وينص على حجب أجزاء من المساعدات الأمريكية للسلطة الفلسطينية واقتطاع دولة الإحتلال عائدات الضرائب «المقاصة» التي تصل إلى 2.6 مليار شيقل سنوياً، بسبب صرف حكومة عباس رواتب شهرية لأُسر الأسرى والشهداء الفلسطينيين.


الأكثر قرباً من الواقع ألّا تأخذ القضيّة الفلسطينية ومشروع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين مكانة مميّزة في القريب العاجل أو أنّ تكون واحدة من أولوليات الحكومة الأمريكية الجديدة، وتحديداً المصلحة الفلسطينية، وللمراقب أن يرى بجلاء الإهتمام الأول للرئيس وهو البيئة والمناخ تزامناً مع سياسته المقبلة مع روسيا والصين والإتفاق النووي مع إيران ودعمها الراسخ لإسرائيل على حدّ تعبير ميلز.


روسيا الخصم


سبق ووصف الرئيس الحالي روسيا بأنّها «الخصم الرئيس» للولايات المتحدة أثناء حملته الانتخابية، بينما كان ترامب دائمًا يعهد بهذا الدور إلى الصين. وعلى الرغم من اختلاف بايدن بالسياسة الخارجية لسلفه، فستتمثّل المناقضة في استمرار القيادة الأمريكية الجديدة في مختلف مجالات العلاقات الدولية والسياسية.


بصرف النظر عن الحقيقة التي يبدو بايدن من خلالها وبلينكين ونائبة الرئيس «كامالا هاريس» أكثر موضوعيّة ووديّة من سلفه، ستحاول حكومة الأخير تصحيح مسار سياسة ترامب جزئياً أو كلياً في بعض الإتجاهات، لكنّها ستستمر لا محال في مجالات أخرى كخلفها أو ستفاقمها وفقاً للمصلحة القومية الأمريكية. ولا يزال غير واضح كيف سيتوافق التزام بايدن وبلينكين بموضوع «التعدّدية» والتعاون الدولي مع مطالبهم المُصاغة بوضوح بدور قيادي عالمي. الأكثر وضوحاً هو الابتعاد عن سياسة ترامب ونهجه الفجّ الفظّ الغليظ.


الصراع الإيراني الصيني وحلف الناتو


من ناحية أخرى تطالب طهران الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة في عهد ترامب، وممّا قد يزيد الصراع تعقيداً هي الدعوات إلى الاتفاق النووي ليشمل قيوداً على الصواريخ التقليدية الإيرانية، فأهمية التوصّل إلى اتفاق هي ضرورة ملحّة، لأنّ قوة المتشدّدين في إيران تعزّزت بفعل سياسة ترامب المتمثّلة بالضغط الهائل على إيران.


ستلتزم حكومة بايدن بحلف شمال الأطلسي، الذي وصفه ترامب بالذي عفا عليه الزمن؛ وبمعزل عن جميع الخلافات الداخلية، إلّا أنّ الحلف لا يزال الأداة الأهم للولايات المتحدة لممارسة نفوذها وسيطرتها الجزئية على أوروبا، ومع ذلك سيزداد الضغط الذي تمارسه واشنطن على الحلفاء الأوروبيين وتحميلهم المزيد من الأعباء المالية والعسكرية.


أمضت إدارة أوباما بالإضافة إلى بايدن ثماني سنوات دون جدوى في مناقشة استراتيجية صحيحة تجاه الصين، تضمّنت مواجهات عسكرية من خلال تزايد القوات المسلحة الأمريكية في بحر الصين الجنوبي والمحيط الهادي، أو اندماج الصين في اللوائح والتعاون مع المؤسسات الدولية. أمّا في عهد ترامب فكان أول إجراء رسمي لحكومته قبل أربع سنوات هو إعلان منطقة التجارة الحرّة - التي تم التفاوض عليها في عهد أوباما - بين الولايات المتحدة وجميع الدول ذات الصلة اقتصادياً في آسيا باستثناء الصين، بالإضافة إلى شنّ ترامب حرباً اقتصادية ضد الأخيرة، أدّت إلى إلحاق ضرر أكبر بالاقتصاد الأمريكي.


الولايات المتحدة مستمرّة بفقدان نفوذها


سيكون العامل الحاسم في السلوك المستقبلي للولايات المتحدة تجاه الصين هو ما إذا كانت الحكومة الحالية ستأخذ حقاً مطالبتها بدور قيادي عالمي على محمل الجدّ، أو ما إذا كانت عبارات الرئيس الحالي تسويقيّة فارغة جوفاء أو صيّغ لفظية رنانة، فبالنظر إلى الإطار السياسي العالمي اليوم، فإنّ هذا المطلب أو الاستحقاق الذي ترنو إليه الحكومة الأمريكية غير واقعي. أوروبا بالمقابل ناتجها القومي الإجمالي أكبر بالفعل من الناتج القومي الأمريكي، ومن المتوقّع تفوّق الصين على الولايات المتحدة في غضون أعوام في مجال العلوم والتكنولوجيا أيضاً، فقد وصلت القوة العالمية الصينية المستقبلية للمستوى الأمريكي، وربما تجاوزتها. أمّا روسيا فتقف متساوية معها كقوة نوويّة تقريباً، بالإضافة إلى الهند التي ستنضم في غضون سنوات قليلة إلى القوى العالمية الفاعلة.


نهاية، سؤال إلى العرب الحالمين بصلاح الدين الأمريكي عن حدود تبدّل القرارات الأمريكية حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهل سيقيم بايدن دولة فلسطينية ويخضِع إسرائيل للمطالب الفلسطينية؟ أم أنّ الأخير يدغدغ المشاعر العربية بوعود معسولة لا غير، لا تتجاوز حد الخطابة والتخدير؟


لن يتراجع بايدن عن قرارت ترامب، إنّما سيتحدّث خطابياً لا غير عن ضرورة حلّ الدولتين دون ممارسة أي نوع من الضغوطات على إسرائيل لإقامة دولة فلسطينية أو لوقف التوسّع الإستيطاني على حساب الفلسطيني، هذا لإختراق إسرائيل النظام الأمريكي الواضح، بحيث تجدّ المفاوضين الأمريكيين يتذّرعون لإسرائيل ويدافعون ويخلقون مبرّرات بدل دورهم كوسيط نزيه، و«جاريد كوشنير» وصفقته «السلام من أجل الإزدهار» التي أثقلت وأثخنت بالقضية أكبر مثال، فقد تضمّنت الضّمّ الذي يؤرّق الجانب الفلسطيني وحده.


النظام الأمريكي بحزبيه الديمقراطي والجمهوري لا يقيم وزناً للعرب أو لحفائه من المطبّعين، لذلك لن تلعب الإدارة الأمريكية دور الوسيط النزيه أبداً إن لم يكن هناك كلفة تترتّب على الإستهتار بالمطالب الفلسطينية. وحدة الصف الفلسطيني بجميع فصائلها هي وحدها القادرة على تحقيق مطالبهم لإقامة دولة على حدود 1967م، وهي وحدها القادرة على إخضاع الإحتلال وإجلاسه معهم «النِّدّ بالنِّدّ» على طاولة المفاوضات، وإعادة قراءة الملف الفلسطيني من جديد. ما دون ذلك، فقد قفزت إسرائيل عن السلطة الفلسطينية وأقامت معاهدات إذلالية تطبيعية مع أخوتهم العرب الطامعين بتنفّذ وهمي في المنطقة.

الخميس، 18 فبراير 2021

ثمن اللّقاح للفلسطيني

 



دوسلدورف/أحمد سليمان العمري

بعد ستة أسابيع من حملة التطعيم في إسرائيل؛ تلقّى أكثر من واحد بين كلّ ثلاثة إسرائيليين الجرعة الأولى، ليصل الآن إلى 3.7 مليون بما يعادل 42,6 بالمائة والجرعة الثانية 2.3 مليون بنسبة 26,9 بالمائة من أصل تسعة ملايين نسمة حسب إحصائية قدّمتها جريدة «دير شبيغل» الألمانية 10 فبراير/شباط 2021م. لا توجد أي دولة في العالم تقوم بالتطعيم بسرعة إسرائيل.

مع بدء دولة الاحتلال التطعيم صرّحت عن نيّتها إرسال 5000 جرعة للضفّة الغربية وغزّة، وهي بالكاد تكفي للكوادر الطبية، مع التنويه بأنّ عدد سكان الضفّة يصل لثلاث ملايين نسمة وغزّة مليونيين.

الدكتورة «شيلي كامين فريدمان» المحامية وخبيرة في القانون الطبي والصحي، الأستاذة في جامعة بن غوريون في بئر السبع وجامعة حيفا تقدّمت بتقرير نيابة عن منظمتين لحقوق الإنسان طالبت فيهما حق التطعيم للفلسطينيين. بالمقابل السلطة الفلسطينية رفضت بشدّة الحصول على اللّقاح من الاحتلال دون أن تقدّم بدائل ناجعة للشعب، فقد حصلت في المرّة الأولى يوم الإثنين 1 فبراير/ شباط على 2000 جرعة يتيمة من «موديرنا» دون أن تفصح عن مصدرها، واستقبلت أيضاً 10 آلاف جرعة منحة روسية يوم 4 فبراير/شباط من اللّقاح الروسي «سبوتنيك»، الذي أثبت فعالية تصل إلى 90 بالمائة حسب دراسة حالية من قبل علماء رفيعي المستوى. كما وأعلنت منظمة الصحة العالمية في أوائل فبراير/شباط في إطار مبادرة «كوفاكس» من أجل ضمان استفادة دول العالم من اللّقاحات في تقديم عشرات الآلاف من الجرعات للفلسطينيين، إلّا أنّ الأخيرة لم تتجاوز لغاية اللحظة حدّ التصريحات.

أمّا الأنظمة العربية فهي منهمكة بالوضع الداخلي مستثنية الشأن الفلسطيني وكيفية الوقوف معه للحصول على اللّقاح؛ وبهذا تمنح الأخيرة دولة الاحتلال لعب دور الإنسان عالمياً وتلميع صورته أكثر على حساب الحق الفلسطيني الضائع.

التطعيم متاح أيضاً لعرب إسرائيل الذين يعيشون في أماكن تعتبرها الأخيرة رسمياً أراضيها، وهذا يشمل على سبيل المثال القدس الشرقية، لكن لا يشمل الضفّة الغربية على الرغم من احتلال إسرائيل لأجزاء من المنطقة منذ عام 1967م. وقد قوبل تطعيم المستوطنين الإسرائيليين في المناطق الفلسطينية دوناً عن الفلسطينيين بانتقادات دولية، متذرّعة إسرائيل بذلك عدم تقديم القيادة الفلسطينية طلباً رسمياً للحصول عليه، بينما ترى فريدمان أنّ على دولتها واجب أخلاقي وإنساني لتوفير اللّقاح للفلسطينيين، فعلى الأقل يجب أن تعرضه على الإدارة الفلسطينية ولها الخيار حينها الرفض أو القبول.

ما إذا كانت إسرائيل مسؤولة قانونياً عن تطعيم الفلسطينيين باعتبارها قوة محتلّة، كونها تتمتّع بالسيادة على الحدود وعلى أجزاء من الضفّة الغربية بإستنثاء قطاع غزّة، هو أمر تقرّه على أرض الواقع معايير القوة والضعف. من ناحية أخرى تتكئ إسرائيل على اتفاقية أوسلو، والتي بموجبها تتحمّل السلطة الفلسطينية كامل المسؤولية في الرعاية الصحية لمواطنيها. ويتّضح من خلال هذه المعادلة بجلاء التزام الإدارة الإسرائيلية ببعض بنود أوسلو التي تخدم مصالحها وتوظّف أخرى لإخفاق الحق الفلسطيني.

وهنا جزئية أخرى يبدو أنّ دولة الإحتلال لم تأخذها بعين الإعتبار، أو علّها أهملتها بإدراك كامل وغير حكيم؛ فلدى الجانبين  اتصالات منتظمة وأهمّها العمالة الفلسطينية في الداخل، والتي تتجاوز 120 ألف فلسطيني من الضفّة الغربية. فالفيروس لا يتوقف عند المعابر، ولو أرادت إسرائيل الحصول على المناعة المجتمعيّة - وعلّ هذا المسمّى هو الأصح من القطيع - لكان لزوماً منح اللّقاح لكلا الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني.

سؤال تناولته جهات كثيرة وتداولته صحف ومواقع عدّه عن الآلية التي عملت بها إسرائيل لتأمين اللّقاح الكافي للدولة برمّتها، لتصبح الأولى عالمياً بعدد متلقيه، لا بل وتسبق الدول المنتجة.

يرى البروفسور «أرنون آفيك» المدير العام السابق لوزارة الصحة الإسرائيلية أسباباً مختلفة للمسار الناجح وبشكلّ خاص لحملة التطعيم في إسرائيل، فيعزو أولاً التفوّق إلى المنظومة الصحية القوية واعتماد النموذج الألماني بشركات التأمين الصحي والمستشفيات، فاليهود الألمان الذين هاجروا إلى إسرائيل جلبوا معهم العلم والمعرفة وأقاموها. ثانياً التقنيات الحديثة مع المعدات الطبية عالمية المستوى ومرافق تخزين ممتازة للقاح.

بينما الحقيقة الأخرى الأكثر فعالية مع هذا التفوّق هي وصول الجرعات الأولى التي بلغت ثمانية ملايين من شركة «بيونتك - فايزر» وستة ملايين من موديرنا في 9 ديسمبر/ كانون الأول والتي استقبلها بنيامين نتنياهو شخصياً وصرّح عن كميتها. أمّا عن أعداد الكميات الحقيقية والأرقام الدقيقة فهي سريّة ولم يُعلن عنها، وتتجاوز التصريحات الرسمية بكثير، بالإضافة إلى مساهمة

المدير الطبي الإسرائيلي لشركة موديرنا الدكتور «تال زكس» الذي أنهى دراسته في بئر السبع، ودفْع حكومته 40 بالمائة زيادة على سعر اللقاح المتداول.

 وفي نفس الوقت تتذرّع الدول المصنّعة بضعف القدرات الإنتاجية  كألمانيا مثلاً! والمثير للاستهجان في هذا الصدد هو التراجع الحكومي الألماني عن وعوده وتضاربها الدائم حول عدم توفير اللقاح الكافي وبالوقت المحدّد. حيث بلغ عدد الملقّحين بالجرعة الأولى ما يزيد عن 2 مليون و 600 ألف 3,17 بالمائة والجرعة الثانية أقل من مليون و400 ألف 1,6 بالمائة من أصل 83.1 مليون نسمة حسب المكتب الفدرالي الألماني للإحصاء.

أمّا المنظومة الصحية الفلسطينية فهي معتمدة بشكل كبير على إسرائيل لضعفها الجسيم، لذلك عدم وجود تنسيق من الجانب الفلسطيني، لا بل رفضه هو دلالة على إهمال لا يغتفر للسيطرة على الجائحة، فليس هناك أي مبرّر - عدا الجهل - لعمل لجان صحيّة علنيّة مع الجانب الإسرائيلي لغياب الدور العربي، مع العلم أنّ هناك محادثات سريّة ثنائية جارية تتناول البرنامج الإنتخابي الفلسطيني.

الأكثر قرباً إلى الحقيقة هو الفلسطيني الذي يقف أمام مواجهة مجحفة لخصمين وحده؛ الجائحة التي تتركها إدارة رام الله لوعي المواطن وقلّة حيلته وعجزه، ومحتلّ يستنزف رمقه الأخير مستثمراً أطماع السلطة والفيروس لنخره وهدمه.

الأربعاء، 27 يناير 2021

من القارّة الباردة أحيّيكم

الكاتب: Ahmadomari   بتاريخ :  12:06 م   بدون تعليقات

 



Back to top ↑

كلمات من العمري

في بداية خطابي أشكر زائريّ ممن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملوا في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو وصديقي الدكتور ضياء الزعبي - جزاه الله كل الخير- ولم يتركني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام ... المزيد
كن على تواصل واتصال معنا

© 2018 أحمد سليمان العمري.
Design By: Hebron Portal - Anas Amro .