‏إظهار الرسائل ذات التسميات الخُرافَةُ الثَّالِثَة لا حُبّ مِنْ غَيْرِ غِيرَةٍ، أحمد سليمان العمري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الخُرافَةُ الثَّالِثَة لا حُبّ مِنْ غَيْرِ غِيرَةٍ، أحمد سليمان العمري. إظهار كافة الرسائل

السبت، 28 أكتوبر 2017

الخُرافَةُ الثَّالِثَة لا حُبّ مِنْ غَيْرِ غِيرَةٍ، أحمد سليمان العمري

    
الخُرافَةُ الثَّالِثَة
لا حُبّ مِنْ غَيْرِ غِيرَةٍ:



"مِنْ باطِنِ الحُبِّ تَتَفَجَّرُ الغِيرَة" هذِهِ هِيَ عَقيدَة المُحِبينَ الرّائِجَة، أَسْمَعُها دائِماً تَتْبَعُها أَنْفاسٌ صَعْداء "ما الذي أَسْتَطيعُ فِعْلَهُ لِقَتْلِ غِيرَتِي".
الغَيْرَةُ أَمْرٌ دائِمٌ شِبْه يَوْمي نَتَعايَش مَعَها وَلا نَحْتَمِلُها، نَعْتَقِدُ أَنَّها ظِلالُ الحُبِّ أَوْ وَجْهَهُ الآخَرَ وَهُوَ أَمْرٌ مُسَلَّمٌ بِهِ لِأَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِالضَّرورَةِ مَعَ العاطِفَةِ ولا سَبيلَ لَنا لِلتَّخَلُّصِ مِنْهُ.
هَلْ يُمْكِنُ التَّغلُّبِ عَلى الغَيْرَةِ؟ قَبْلَ أَنْ أُجيبَ على هذا السُّؤالِ أُوَدُّ أَنْ أُقَدِّمَ شَرْحاً عَن أَسْبابِها. إِنَّ الكائِنَ المُخْتَفِي خَلْفَ الغيرَةِ هُوَ حِسٌّ لا يُسْتَهانُ بِهِ، الخَوْفُ، الخَوْفُ مِنْ خَسارَةِ مَنْ نُحِبُّهُمْ أو أَلّا نَنال حُبَّهُم، لِأَنَّ هُناكَ شَخْصٌ آخَرَ قَدْ يَفوزٌ بِهِم، أَوْ لِأَسبابٍ أَخْرى، قَدْ تَكونُ أَحْلاماً نَعْتَقِدُ أنَّها لَنْ تَتَحَقَّق مَعَهُ أَو حَياةً لَنْ تَكونَ جَميلَة لِقِلَّةِ مالَهُ أَوْ شُهْرَتَهُ أَوْ سُلْطَتَهُ.
 الخَوْفُ مَنْ خسارة الحُبّ أَوْ كَيْنونَتَهُ أَوْ بَعْضاً مِنْهُ عَلى يَدِ آخَر، وَكِثْرَة هُمْ مَنْ يُحاوِلونِ السَّيْطَرَةَ الكامِلَةَ عَلى تَفْكِيرِ مَنْ يُحِبًّونَهُمْ حَتَّى مِنْ مُمارَسَتِهِ هِوايَة، رِياضة أَوْ قِراءَة أَوْ حُبِّ طِفْلٍ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرى، أَوْ أَيّ شَيْءٍ آخَرَ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُم قَدْ يولَدُ لَهُ مِنْ خِلالِهِ حِسٌّ بِالسَّعادَةِ مَنْ لَيْسَ لِلآخَرِ عِلاقَةَ بِهِ.
مِنْ عِنْدَهُ حِسُّ الغَيْرَةِ، عِنْدَهُ الخَوْفُ، الخَوْفُ مِنْ خَسارَةِ مَنْ يُحِبَّهُمْ إِذا كَرَّسَ وَقْتَهُ أَوْ بَعْضاً مِنْهُ لِشَيْءٍ أَحَبَّهُ وَهُمْ لا يُشارِكونَهُ إِيّاهُ أَوْ فِيه، وَلَيْسَ بِالضَّرورَةِ أَنْ يَكونَ مُتَعَلِّقٌ بِحِسٍّ شَهْوانِي لِشَخْصٍ آخَر. الذي يَبْدو مِنَ الغَيْرَةِ بِجَلاءٍ في الدَّرَجَةِ الأولى هِيَ الأَنانِيَّة وَالخَوْف بِعَدَمِ القُدْرَةِ عَلى رَبْطِ مَنْ نُحِبَّهُمْ مَعَنا بِالصُّورَةِ الكافِيَةِ وَهذا واضِحٌ مِثْلُ رابِعَةَ النَّهارِ، الإِحْساس بِالمِلْكِيَّةِ لِمَنْ نُحَبَّهُمْ وَنَتَعامَلُ مَعَهُمْ بِالعَقْلِ الباطِنِ وَكَأَنَّهُمْ أَشْياء لا أَرْواح لهَا حُرِّيَّتِها في أَنْ تُحِبّ أَوْ لا تُحَب أَوْ تُقَدِم عَلى تَصَرُّفٍ أَوْ تَتَرُكَهُ.
هَذا النَّوْعُ مِنَ الحُبِّ يُولِّدُ الإِحْساسَ عِنْدَ مَنْ نُحِبَّهُمْ بِالقَيْدِ وَحَصْرِ القُدُراتِ التي تُؤّدي لِعَدَمْ تَطَوُّرِ الشَّخْصِيَّةِ إِلاّ في الإِطارِ الذِي يُسْمَحُ لَهُمْ بِهِ.
عِنْدَما يَرْتَبِطُ الحُبُّ بِالغَيْرَة، أَيْ عِلاقَةِ الرِّجُلِ بِالمَرْأَةِ فَيَبْدو طَبيعِياًّ لِكِثْرَةِ تَواجُدِهِ وَلِأَنَّنا عَرِفْنا هذا الحِسَّ مَرَّةً أَوْ مازِلْنا نُحِسَّه، وَلِهذا السَّبَب يَكونُ هذا النَّوْعُ مِنَ العِلاقَةِ عِنْدَ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ طَبيعِيٌ مُسَلَّمٌ بِهِ، فَهُمْ عَرِفوهُ وَلا يُنْكِروهُ عَلى الآخَرين - الغَيْرَةُ في الحُبِّ وَهذا الشَّيء لا شَكَّ فِيهِ- حَسْبَ رَأْيِ العَامَّة.
فَلِنُفَكٍّر سَوِيَّةً بِشُمولٍ وَنَكْتُب عَلى وَرَقَةٍ خارِجِيَّةٍ كُلَّ التَّحَيُّزاتِ حَوْلَ هذا الحِس، سَنَجِدُ أَنَّ الحُبَّ عَمَلِيَّةٌ روحِيَّةٌ لا تَرْتَبِطُ باِلتِّلْقائِيَّةِ مَعَ الغِيرَة.
إِذا أَحْبَبْتُ فَسَأشعر بِإيجابِيَّةٍ وَأُحِسُّ بِالعاطِفَة، الحَنان، الإِهْتِمام، وَالخَوْفِ عَلى مَنْ أُحِب وَالإِحْتِرام، إِذا أَحْبَبْتُ فَسَأُعْطي حُباًّ، حباًّ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَمْلِكَهُ أَوْ أُحاوِلَ تَغْييرَهُ أَوْ أُحَجِّمَ قُدُراتَه، أُحِبُّهُ كَما هُوَ. الحُبُّ يَبْدَأُ عِنْدَما نَكونُ أَهْلاً لِلْعَطاءِ وَالتَّعْزيز، فَيُخْلِقُ عِنْدَنا كَنَتيجَةٍ تِلْقائِيَّةٍ في انْتِظارِ أَنْ نَنالَ ذاتَ الحِسِّ الذِي أَعْطَيْناهُ لِمَنْ نُحِب وَإذا تَحَقَّقَ هذا الشّيْء عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ يَتَوَلَّدُ عِنْدَهُمُ الشُّعورِ بِالحُبِّ، وَهُنا يَبْدَأُ عِنْدَ الغالِبِيَّةِ الإِحْساسِ بِالمِلْكِيَّّةِ "أَنا أُحِبَّهُ وَهُوَ يُحِبُّني، إِذن هُوَ لِي وَأَنا لَهُ" بَدَأَ الخَطَأُ الأَوَّل وَالأَكْبَر، هذا هُوَ الحِسِّ الذي يُولِدُ الغَيْرَةُ فيما بَعْد، وَبِالتَّاليِ الأَلمَِ الرُّوحِي.
المِلْكِيَّةُ في المُجْتَمَع الرَّأْسمالِي الإِسْتِهْلاكِي هي مِفْتاح التَّجْرُبَةِ وَالخِبْرَةِ لِمَنْ يَكْبُر وَتَتَكَوَّن شَخْصِيَّتَهُ في جَماعاتٍ كَهذِهِ.
إِمْتِلاكهِ لِلْأَشْياءِ شَيْئٌ طَبيعِيٌ وًمَنْطِقِيٌ وَانْتِقال هذا الحِسِّ إِلى كَيْنونَةِ الحُبِّ يَحْمِلُ ذاتَ الآلِيَّةِ وَالمَفْهوم، وَلِأَنَّ الحُبَّ قائِمٌ عَلى قُدُراتٍ يَتَّخِذَها شَخْصان وَلِأَنَّ الجَماعاتِ إِمْتِداداً لَهُمْ وَبِالتّالِي إِلى المجُْتَمَعِ الإِقْتِصادِي الرَّأْسْمالِي الذِي لا يُدارُ بِالعاطِفَةِ بَلْ بِالمَنْطِقِ وَالمَعْقول.
إِنَّهُ مِنَ الواضِحِ أَنَّ الأَصْل في الحُبِّ وَشَكْلِهِ الفِعْلي لا عِلاقَةَ لَهُ بِالإِمْتِلاكِ وَطُرُقِ الإِدارَةِ وَوَسائِلِها. الحُبُّ في شَكْلِهِ الحَقيقِي هُوَ الأَجْمَلُ إِذا وَقَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ التَّفْكيرِ بِأَنْ يَمْتَلِكَ أَحَدِهِمُ الآخَر، أَوْ بِرَبْطِ أَحْلاماً مادَّيَّة، أَنْ لا يَروا غَيْرَ أَنْفُسِهِمْ مُجَرَّدينْ مِنْ أَيّ فِكْرَةٍ مادِّيَّةٍ لا عِلاقَة لِلْحُبِّ بِها، وَأَنْ يَتَخَلُّوا عَنْ شَيْئَيْنِ هُما العامُودُ القائِم عَلَيْهِ الحُبُّ الحَقيقِي أَوْ هَدْمِه، وَهُما الخَوْفُ أَلّا نُحَبُّ بِالكَّم الكافِي الذي نَتَمَنّاه، وَالآخَرُ إِمْتِلاكنا كَيْنونَة الحُبِّ كَجَسَدٍ مادّي وَنَتَعامَلُ مَعَهُ بِمَوْضوعِيَّة.
أَنا أَعيّ الآنَ السُّؤالُ الذي سَيُراوِدُ الكَثْرَة بَعْدَ هذا الطَّرْح، "كَيْفَ سَأَتَغَلَّبُ عَلى هذا الحِسِّ أَوْ أَتَقَبَّلَهُ إِذا كانَ الخَوْفُ وَحُبِّي لِلْمِلْكِيَّةِ في تَكْويني؟"
الإِجابَة: فَلْنُحِب الحُبَّ كَما هُوَ ولا نُعَلّقُ عَلَيْهِ ما هُوَ بَراءٌ مِنْه، الحُبُّ لا يَقْبَلُ بَدَلاً غَيْرَ الحُب، الحُبّ يَخْلِقُ عَطْفاً، حَناناً، رِعايَةً واهْتِماماً واحْتِراماً وَتَقَبُّلاً.
من كتابي "رذاذ وجعي"
 

Back to top ↑

كلمات من العمري

في بداية خطابي أشكر زائريّ ممن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملوا في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو وصديقي الدكتور ضياء الزعبي - جزاه الله كل الخير- ولم يتركني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام ... المزيد
كن على تواصل واتصال معنا

© 2018 أحمد سليمان العمري.
Design By: Hebron Portal - Anas Amro .