‏إظهار الرسائل ذات التسميات #احمد_سليمان_العمري #العمري #روايات #قصائد #تاريخ #كتب #رواية #كتابات #دراسات #بحث #دين #Book #Poem #ِAhmad_Omari ». إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات #احمد_سليمان_العمري #العمري #روايات #قصائد #تاريخ #كتب #رواية #كتابات #دراسات #بحث #دين #Book #Poem #ِAhmad_Omari ». إظهار كافة الرسائل

السبت، 27 أكتوبر 2018

ضحايا البحر الميت، أحمد سليمان العمري


بسم الله الرحمن الرحيم
ضحايا البحر الميت، أحمد سليمان العمري

منفس الشمال ومدن الوسط حتى أقاصي الجنوب حيناً هو البحر الميت، فيه آيات الجمال بإطلالته البهيّة الآخاذة واللامعقول بالإستلقاء على سطحه وكأنه مرآة لا مياه وغور ولُجٌ عُباب.
غار حسنه ولهوه والسّمر والعبث وحضر الموت الأسود وجلجل ضجيجه ودويّ الصياح والصُداح وأُسدلت الحقيقة.
يعيش الشارع الأردني ومعه العربي فجيعة الخميس يوم 25.10.18 حين رحل عنا واحد وعشرون ضحية وآخرون حتى اللحظة مفقودون، جلّهم من الأطفال، غرّهم بهاء الطبيعة وألوان الخريف وغضاضة أشكاله من شجر وحجر و"بحر" وتحديداً البحر الميت، زاروا الميت فاستقبلهم بالموت.
من هو المسؤول الحقيقي عن فجيعة الأردن؟ هل هي الكارثة الطبيعية وليس للأردن حكومة ومؤسسة شأن بها؟ - وهذا الذي يتمناه رجالات الدولة - أم أن المدرسة وإدارتها هي من أقدم على قرار الرحلة الأرعن دون أي نوع من الإحساس بالمسؤلية؟ وهذا فيه وفيه. وهل الشركة المنظمة للرحلة قدّمت مصلحتها المادية على أرواح أطفال وأرباب الأسر؟ وهي جريمة لا أظن أن هناك من يُقبل عليها بثمن حياة أبرياء.
ماذا عن سَدّ زرقاء ماعين الذي أنهي العمل فيه العام الماضي؟ لقد وردت أخبار كثيره حوله ومتضاربة في آن، بين تقرير أمين عام سلطة وادي الأردن بالوكالة المهندس علي الكوز حسب ما نشرته سلطة وادي الأردن في موقعها الرسمي بتاريخ في 02/08/2018 أن هناك هبوطا ببلاطة خرسانية في جسم سَدّ زرقاء ماعين في محافظة مادبا أدّت الى غور كمية مليون و300 الف متر مكعب من مياه السد. ولقد تعهد الكوز بمحاسبة متعهد المشروع من قبل سلطة وادي الاردن وتشكيل لجان تحقيق بهذا الخصوص من قبل السلطة.
الملفت للنظر أن ذات المهندس قدّم تصريحاً في الساعات القليلة الماضية يفيد بعدم مسؤولية السّدّ بفاجعة البحر الميت وهذا ينقاض ما نشرته سلطة وادي الأردن على لسانه.

بيد أن الحقيقة هي انخفاض منسوب المياه في السّدّ بقيمة تترواح بين 75 أو علّها 85 بالمائة فأين ذهبت تلك المياه؟
ما يثير الاستهجان هو مطالبة الحكومة الأردنية جعل ملف التحقيق داخل غرف مغلقة دون نشرها للرأي العام، لا بل ملاحقة دائرة الأمن العام لكل من يتعرض بتفاصيل هذه القضية رغم أننا هنا نتحدث عن كارثة طبيعية قد تكون الحكومة هي المسؤول الأول عنها لعدم أهلية بعض المنشآت التي من شانها منع نكبة كهذه.
الجزئية الأولى في هذه الفاجعة والأهم هي المناقضات بين أقوال الناجيين والوقائع والأحداث التي تقدمها الحكومة على أنها الحقيقة. فمثلاً إحدى معلمات مدرسة فيكتوريا التي حالفها الحظ بالنجاة، أدلت بأقوالها في مقابلة مع تلفزيون "المملكة" حيث قالت: أنها أثناء مسيرها على أطراف السيل مع الدليل السياحي وهو ذاته المدرب، في طريق العودة ومعهم اثنى عشر طفلاً وابنتها صاحبة الثمانية أعوام، تقول: "بدأ الطقس بشوية مطر، بس كان الوضع طبيعي" - على حد تعبيرها - وخلال دقيقتين تحول منسوب السيل إلى نهرٍ يتزايد كل "ثلاثين ثانية" حسب المعلمة، إلى نصف متر، فكيف "بشوية مطر" يحول السيل إلى موج عارم في دقيقة؟ هذا مع العلم أن الوادي يترواح عرضه حسب المكان من عشرة أمتار إلى أربعين، قد يقل أو يزيد!
أراء آخرين من الناجين التي قالت بأنهم سمعوا صوت إنفجار، مما يدلّ على أن السّدّ هو المتسبب الوحيد في حدوث الكارثة.
التحقيق في هذا الموضوع هو أسهل بكثير مما تزعم الحكومة وتقاعصها في مجريات العمل عليه. السّدّ صرحُ ماثل في معان، إذن على الحكومة تشكيل لجنة مختصة محايدة من شأنها فحص منشآت السّدّ التي قد تنتقص من مصداقية تهالكه أو تؤكده، وبالتالي إدانة الحكومة المتمثلة أيضاً بالوزارة أو المؤسسة المعنية بالسّدّ أو تبرئتها.
وإننا نطالب الحكومة مطالبة صريحة وبصوت عالٍ بالعمل الجدّي ومعاقبة كل من له يد في هذه البلاء من غير هوادة.
رحم الله كل القائمين على الحق والشهداء أبنائنا.
     
           



الجمعة، 26 أكتوبر 2018

شُهداء البحر الميت، أحمد سليمان العمري


شُهداء البحر الميت



إنَّا لله وإنا إليه راجعون،
أقدم لجميع المفجوعين بحوادث البحر الميت وللأردنييّن أحرّ آيات العزاء، وأتضرع لله عز وجل نجاة المفقودين وسلامة المصابين، وكل الشكر والتقدير لرجال الدفاع المدني ومعهم كل مَن مّد يد العون لصاحبها لغاية اللحظة لتقديم أرواحهم لأنقاذ أخرى.
رحمهم الله وأحسن مثواهم وصبر ذويهم.

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

المدونة الجديدة


المدونة الجديدة


لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو ومشاركة من الدكتور ضياء الزعبي وبجهود متنوعة بين تقنية وإخراجية ومونتاج من الصديق الأستاذ الإعلامي حازم السويطي - جزاهم الله كل الخير- لم يتركونني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام.
أما إخراج المدونة بهالتها الجديدة اليوم التي تزامنت مع صدور توأمي "الإستعمار وأئمة الضلال" والديوان "رذاذ وجعي" فيعود لفريق عملي، أصدقائي المكون من العامود الرئيس للموقع والمنشىء، من تصميم الكتروني للصفحة وأغلفة الكتب  الأستاذ أنس عمرو وفريق التصوير الأستاذة ريهان طراونة والأستاذ يزن ملحم، أما المراجعات اللغوية والإستشارية التي لا أُقدم على إنهاء عمل إلا بإشراف منها ودعم موضوعي وروحي، شطري الأجمل، زوجتي روان العمري، فلها أهدي هذا العمل ومعه كل حبي.
وكل الشكر لمن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملون في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها.

الثلاثاء، 10 يوليو 2018

درعا النار والدمار، أحمد سليمان العمري

بسم الله الحمن الرحيم
درعا النار والدمار، أحمد سليمان العمري

   تعتبر روسيا أهم وأقوى حليف ومساند لبشار الأسد في الحرب السورية الأهلية، في الوقت الذي تلعب أمريكا الدور القيادي في التحالف الدولي على داعش والتنسيق مع دول الجوار ومنظمات المقاومة العسكرية في المنطقة.

   ذينك القوتين يلعبان دوراً معقداً بين تعاون وتنسق بين الجبهات بحيث يبدو الأمر تارة غير واضح في الحرب بين المليشيات متعددة الاتجاهات والأهداف، غير أن الواضح بجلاء هو تنفيذ خطة استراتيجية دقيقة من قبل روسيا وأمريكا بتنسيق كامل مع اسرائيل وتقديس عربي مذل.
   وأما تسارع الأحداث أو إبطاؤها تارة، وتصعيد أو عدم تصعيد أو وقف إطلاق نار ما هو إلاّ مدّ وجزر مدروس أقدّمه في نظرة بسيطة متمعنة.
   شهدت الأيام الأخيرة تنامياً في الأساليب البشعة المدروسة التي ارتكبها النظام السوري وانتهاكاته للقانون الدولي مدعمّاً بالغارات الروسية الغاشمة التي قتّلت آلاف المدنيين وجعلت درعا رماداً وزقاقَ أشباح، ممّا أدى إلى هروب المواطنيين العزّل جنوباً إلى السهول الممتدة مع الحدود الأردنية بحثاً عن الأمان ظنّهم بقرار رحيم إنساني من المملكة الأردنية الهاشمية يُمكنَهم عبور الحدود.  
هل دخول النساء والأطفال والشيوخ من الحدود السورية إلى الأردن يهدد أمنها؟ أم أن التزام الحكومة باتفاقية "خفض التصعيد" المخترقة في جنوب غرب سوريا 2017 م من الشهر السابع مع روسيا وأمريكا هي الضابط الوحيد لترك الأهل في درعا بين النار والدمار؟
   إذا كانت الذريعة الوحيدة بعدم فتح  الحدود هي الخوف من الفِرَق المعارضة المسلحة التي "قد" تهدد أمن المملكلة، كما تُقدّم الحكومة والناعقين بتمجيدها، فلماذا لا تُقرّ إدخال من هم تحت السن القانوني من الرجال ومعهم النساء والعجزة؟ وبهذا تضمن عدم حدوث خلل أمني مزعوم يأرّق القرار الأردني في الوقوف مع الأهل في درعا.
   بيننا وبين سوريا جوار ودم ودين ونسب، فبأي عرف نقف متابعين القتل اليومي عبر الشريط الحدودي ونسجل في التاريخ مهانة وذل أكثر من التي سُجلت للغرب والعرب المسلمين في آن إبّان الإبادة العرقية في البوسة التي أنكرها العالم بعد الممارسات الشنيعة التي أدت بأكثر من 300 ألف قتيل و2,2 مليون نازح ومشرد حسب إحصائيات مركز التحقيقات والوثائق البوسنية IDC.
   فهل ننتظر إيعاز أمريكي لرفع الظلم عن الأهل في سوريا أو فتح الحدود مع درعا؟ أم نسستقبلهم بقرار مستقل يمليه علينا الضمير العربي دون الرجوع إلى مشاورات واتفاقيات من شأنها رفع راية إسرائيل في المنطقة؟ وما هو دور الخليج المعدوم، لا بل المتعاون حيناً حيال القتل الأخير في درعا؟ أم أن الخليج تبرأ بشكل غير صريح بكل من هو خارج المنظومة الخليجية؟ وبهذا جاز له عدم التدخل حتى يُطلب منه تنفيذ أمر أمريكي من شأنه الضغط على دول الجوار العربية.
   ولماذا تهمش الحكومة الأردنية رغبة الشارع في فتح الحدود ومعهم قرارات حقوق الإنسان التي تملي على دول الجوار بفتح الحدود إنسانياً دون الرجوع إلى خلفيات قرارت الهدف منها تجويع درعا واستسلام مقاتليها أمام الجيش وكأنها تصفية طائفية بحتة، لا بل دراسة ممنهجة، فقد بيّنت صحيفة "جيروزاليم بوست" 28 من الشهر الخامس لهذا العام الاتفاقية الإسرائيلية الروسية السماح للجيش السوري بإعادة السيطرة على جنوب سوريا من درعا حتى حدود الجولان مع إسرائيل بشرط عدم السماح لإيران وحزب الله بالمشاركة في هذه العملية، وبالمقايل تساعد إسرائيل قوات الأسد في السيطرة على الحدود المذكورة، مع العلم أن الأردن دخلت الاتفاقية بشكل صريح وهذا الذي دفع الحكومة لإبقاء الحدود مؤصدة أمام الحشود السورية في درعا لإضعاف المقاومة، وقد بيّنت الأيام الأخيرة مسار التخطيط الناجح الذي راح ضحيته آلاف الضحايا بين قتل وتشريد ونزوح. 
   استراتجية النظام السوري باتت مكشوفة للجميع، فطريقة التجويع والتهجير إلى إدلب في الشمال هي في الدرجة الأولى إخلاء واضح للبلاد لأهداف تخدم روسيا وأمريكا معاً وحليفهما إسرائيل، ومن باب جعل المقاومة بين المِطْرقة والسَّندانِ، فإيجاد ممرات آمنة بين الجنوب قرب مدينة درعا وإدلب لإجلاء أكثر من 1000 شخص حسب وكالة إنتر فاكس للانباء في الوقت الذي شنت به روسيا والقوات السورية والحليفة في 19 من الشهر السابع أعنف حملة جوية على مراكز حضرية، والذي أدّى إلى أوسع موجة نزوح منذ بدأ الأزمة قبل سبعة أعوام، حيث فاق عدد النازحين الــ 320 ألف حسب إحصائيات الأمم المتحدة، هذا مع بدء عودة كثير منهم إلى منازلهم في ريف درعا بعد اتفاقية "وقف إطلاق النار" مساء الجمعة بين قوات النظام والفصائل المعارضة في الجنوب.
   والذي تضمن إجلاء الرافضين للتسوية من مقاتلين ومدنيين. مناقضة واضحة بين قتل وإبادة وإجلاء لأغراض إنسانية.   
   ما أشبه اليوم بالبارحة، فجرائم التطهير العرقي التي حصلت في قلب أوروبا وهي من الأبشع والأعنف ضد الإنسانية والتي استمرت من عام 1991 م حتى عام 1995 م إبّان حكومة رئيس جمهورية الصرب السابق رادوفان كراديتش.كان العالم يقف متفرجاً على المجازر الجماعية حتى شارف البوسنيون على الإنقراض دون أي تتدخل دولي.
   هل الذي يحدث الآن في سوريا يشبه ما كان في الأمس في البوسنة والهرسك؟ لقد كانت خلفية الحرب الصربية على المسليمين هي تشكيل الدولة متجانسة العرق، فما الذي تريده روسيا والحكومة السورية من وراء الإبادة الجماعية للشعب السوري؟
   هل الإجلاء الدائم إلى إدلب هو خلق دويلة جديدة للسورين قد تسبب الأرق لتركيا مستقبلاً وتمهيد لإسرائيل للدخول إلى سوريا عبر الجولان؟ أم إنشاء قاعدة جديدة فيها من 60  إلى 70 ألف مقاتل؟ – حسب دراسات معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وقد يفوق العدد الــ 130 ألف حسب المراقبين - من فصائل متعددة الولاء والانتماء وظيفتها تقديم خدمات لضعضعة المنطقة لمصلحة أمريكا وروسيا كما القاعدة في الماضي القريب.
   هناك معادلة أخرى تم صياغتها أيضا كقوة إقليمية تجسدت في تركيا، فالأخيرة عمدت إلى اقتناص الفرصة والحصول على امتياز عسكري وسياسي باتفاق مع القوتين العضمتين روسيا وأمريكا، هذا من باب، ومن أخر وعلى الصعيد العسكري ضمنت لنفسها الاحتفاظ بالقوات المعارضة المدعومة من قبلها عسكرياً ولوجستكيا منذ بداية الحرب الأهلية لتصبح القوة المهددة للملشيات الكردية الهاربة من الضغوط العسكرية التركية نحو الأراضي السورية.
   "عملية غصن الزيتون" اسم أطلق على معركة "عفرين" التي بدأت أحداثها يوم السبت 20 ككانون الثاني "يناير" 2018 م، هي الدليل القاطع في الدور المحوري في حسم المعركة لصالح تركيا، ولأن تركيا قامت بتمهيد الأرض من خلال سلاح الجو فقد كانت المهمة سهلة في مباشرت قوات المعارضة مع المقاتلين الأكراد من قبل الحدود السورية، في الوقت ذاته واجهت القوات التركية من خلال أراضيها بحيث تمكنت من حصرها والإيقاع بها.
   وعلى الصعيد السياسي فقد حظيت تركيا بموافقة دولية، روسية وأمريكة على امتياز حدودها مع سوريا من أقصى الشرق حتى الغرب بحجة مكافحة الارهاب.
   هذا وذاك وغيرهم وكل ما بينهم يزيد من تراجع القرار السياسي العربي وتفاقم الأزمة بين دول الجوار الذي بدوره يضعف من الموقف العربي عربياً وعالمياً ويزيد من حجم الضائقة المالية ومعه الفساد والمتنفذين في الأردن وموقف الآن سيحسب له أو عليه.




السبت، 16 يونيو 2018

استنساخ الحكومات، أحمد سليمان العمري


بسم الله الرحمن الرحيم
استنساخ الحكومات، أحمد سليمان العمري

   استطاع الشارع الأردني بعد عناءٍ وتظاهرٍ فريدٍ من نوعه شابه الذي دار في المغرب، قبل بدء شهر رمضان بسبب الفساد الحكومي ورفع بعض سلع غذائية كالسمك والحليب والمياه والغاز والمحروقات، والتي استمرت حتى انخفضت الأسعار جبراً بقيمة تجاوزت 50 من قيمة السعر الأصلي للمنتج. أما الأسماك فكانت تُرمى في البحر أو تتلف لعدم الإقبال عليها.
   وقد حذى الأردنيون حذي أخوتهم في المغرب ومارسوا حقهم المشروع بالاعتراض على القانون الضريبي الجائر ومقاطعة بعض السلع كالمحروقات للضغط على الحكومة وإجبارها على الاستقالة، ولولا تدخل الملك ليجبر"المقلي" أقصد الملقي، على استقالته لبقي يتابع الاحتراق في الشارع وكأنه لا يعنيه، فيقينه أن الوزارة ما هي إلاّ "كعكة" يقتص منها قدر ما أمكن، فإن تركها آلت لغيره مِمَن شابهه. هذه هي الحقيقة المؤسفة منذ ما يزيد عن العشرين عام في الأردن.
   هل الشارع الأردني الآن على استعداد للقيام بمظاهرات شبيهة كالتي كانت في الأسابيع السالفة؟ وكم هو حجم طاقة هذا الشعب روحياً ومادياً للوقوف مرة أخرى للدفاع عن حقوقه دائمة الإستباحة في الآونة الأخيرة؟ هل استبدال الملقي بالرزاز انهى الانتهاكات الحكومية للمواطن؟ أم هو استنساخ حكومة بحكومة وأسماء بأسماء لرجال الدولة التي آلت إلى إرث يحمل المواطن إزره؟ فلو تمعنّا أصحاب القرار منذ بداية الخمسينات حتى التكليف الأخير وخيبة الأمل "الرزاز" لوجدنا التركة في السلطة كإرث البلاء في الجسد، والتشكيل الوزاري الجديد لم يختلف عن سلفه من حيث النفوذ المتمكن في بعض الأُسَر أو بحجم الفساد السائد بينهم، فمثلاً التشكيل الحالي من المعشر والمعايطة والفايز والمصري وقعوار والائحة تطول من حيث الأسماء والنفوذ منذ تأسيس المملكة حتى اليوم. أسماء ألفناها فقط في السلطة.
   والأمر الآخر هو إقصاء الفئة الشبابية من التشكيل الوزاري وبصورة ممنهجة بحيث يبقى النظام على شكله ومن شاكلته، فكلهم تجاوزوا الخمسين عاماً وآخرهم في السبعينات يمينه في الوزاره وشماله في القبر. فكيف بالله سنرقى بغدٍ أفضل وما حكوماتنا غير حكومات استنساخ واستنزاف خاليه من القدرات السياسية؟ أم أن المؤهل الوحيد لتسلم إحدى الوزارت هو "من تعرف لا ماذا تعرف"؟.
   الشعب الآن في الأردن ليس على استعداد لخوض معارك جديدة مع الحكومة، فقط للدفاع عن حقوقه. فهو يطمح للطمأنينة والأمن الحقيقي ليستمر في العطاء ويتكاتف مع الحكومة يد بيد للنهوض بالوطن ليبقى المأمن رغم المخاطر التي تهدده من جميع حدوده، إما بمقاطعات من دول شقيقة أو من العدو الإستراتيجي إسرائيل، فليس هناك من مصدر حقيقي للوقوف مع الوطن مؤسسة وملكاً أكثر من المواطن بعينه.
   أما موضوع المديونية الشائك دائم الطرح، فقد نستطيع حله بجلّه أو معظمه بقرار من الملك يشبه بعض قرارات الحكومة، بيْدَ أن هذا فيه كل المصلحة للبلاد، فهو في ظل المعطيات الحالية الأنسب والأنجع والأكثر نفعاً على المدى البعيد، ففيه على الأقل ضمان لعدم تصاعد التراكمات السنوية من المديونية والتي تزداد عاما بعام.
   البرلمان ومجلس الأعيان والوزراء هي المرحلة الأولية لبرنامج التقشف الذي نحن الآن في صدد الحديث عنه، فقد تبين بالوجه الشرعي وعلى مدار العقود التي مضت منذ تأسيس البرلمان الأردني، عدم ممارسته الوظائف المناطة إليه وخاصة بأحلك اللحظات كالتي مررنا بها في الآونة الأخيرة. ما البرلمان في الأردن إلاّ شكلاً حضارياً لمجتمع مدني ومكانة بين دول العالم المتقدم مؤطراً بمصالح شخصية للنواب من تحسين وضع اجتماعي ومادي وإنهاك لخزينة الدولة. لا أريد أن أفصّل في هذا الباب كثيراً عن الدور البرلماني المعطل منذ وجوده، والذي أثبت فشله بالخط العريض وبشكل تجاوز الوقاحة، والمقام لا يسمح بأكثر من تعريض. ففي بعض التصريحات المخجلة، لا بل الجارحة والمهينة من بعض النواب بعد وقفة الإربعاء النقابية أمثال حابس الفايز عندما قال في مقابلة له بأن "المعتصمين كلهم مطلوبون للقضاء ويجب الكشف عن هوياتهم" فهل آلت المطالبات في الحق إلى جُرم وجنايات؟ ولم تختلف النائب مرام الحيصة عن زميلها كثيراً عندما صرحت بمقالها الذي نشرته سرايا بعد الوقفة بيوم، فقالت: "نسبة كبيرة من المتظاهرين هم ممن لا تشملهم ضريبة الدخل. حتى الذين تشملهم يفتقرون للقراءة الصحيحة والمعلومات الدقيقة بالقانون" هذا مع الاسترسال في الإطراء لرئيس الحكومة الجديدة عمر الرزاز، بدل حمل أمانة ناخبيها بعمل مثابر وحازم.
   علّ النائب الحيصة لم تعلم أن الوقفة النقابية يوم الأربعاء كان على رأسها رؤساء النقابات الأردنية كلها، فهل رؤساء النقابات وموظفيهم من مهندسين وأطباء، صيادلة، مدراء ومسؤولون لم يتمكنوا من قراءة القانون قراءة صحيحة؟ ألم تعلم الحيصة بأن المعتصمين لم يكن من بينهم أطفال وتعديل القانون الضربيبي يشمل من هو فوق الثامنة عشر؟ وقد لا تعلم النائب بأن الأردن من أكثر الدول عربياً من حيث التحصيل الأكاديمي! هذا يعني بالضرورة أن أغلبية المتظاهرين في الوقفة كانوا نقابين أكاديمين ومثقفين أهلاً لفهم نص بدا أن الحيصة لم تفهمه.    
   كلنا يؤمن إيماناً صخرياً، حتى لو أخفينا الحقيقة على أنفسنا تارة، بأن جلّ النواب، لا بل كلهم يحمل وزراً لا يتجاوز مصلحته الشخصية، فيما تبين في الأزمة الأخيرة بالدليل القاطع في رد قرار الضريبة للتعديل بدل رفضه، فلم ينادِ أحد بالرفض أو الشجب أو الإستنكار أو حتى حفظ ماء الوجه بالإستقالة. مثلهم كمثل كِواء الورم بدل الاستئصال.
   لو تمعنّا لحظة نواب البرلمان لوجدنا السواد الأعظم منهم ضباط جيش متقاعدين أو أكاديميين أثرياء، ولكن لن تجد من تمرس العمل السياسي في أحد الأحزاب التي تؤهله للوقوف تحت القبة البرلمانية. ما هم إلاّ أشخاصاً قدمتهم العشيرة لمكانتهم الإجتماعية، لا لتمرسهم في شؤون البلاد، فضمنت لهم الوجود والدعم الإنتخابي. صار وجودهم عالة على ميزانية الدولة والوطن، وظيفتهم الوحيدة القيام بأعمال اجتماعية كأحد موظفي وزارة الأشغال العامة من توظيف مراسلين وعمال وأكاديمين عاطلين عن العمل.
   نحن الآن بأمس الحاجة إلى ساسة لإدارة شؤون الدولة بصدق وأمانة، لا لعسكرين في أواخر أعمارهم، لم يعرفوا البتة غير السلاح والتدريبات الميدانية، فكيف بهم اليوم بعد أن تجاوزوا الخمسين والستين عاماً يمارسوا عملاً سياسياً يرفع من شأن دولة أو يخسف بها في الحضيض، فقدراتهم لا تتجاوز الإبتدائية في العمل السياسي، أو أكاديمين أثرياء لم تأهلهم إمكانياتهم الدبلوماسية، لا بل ثروتهم والمكانة الإجتماعية.
   في ظل هذا الوصف الوظيفي للنائب، فاقد العمل السياسي الحقيقي، لا بل دمية خشبية تحركها الحكومة مقابل مصالح فردية تعلو مصلحة المجتمع الفقير جلّه. فلو أن جلالة الملك أعتمد وجود البرلمانيون كنواب فخريين - كونهم لا يمثلون الشارع الأردني - تماماً ككثير من القناصل غير الأردنيين المنتشرين في العالم – كالقنصل الأردني الفخري الألماني "Claus Gielisch" الذي ورث منصبه عن أبيه في مدينة دوسلدورف الألمانية، فقط لأن خالته هي زوجة الأمير رعد بن زيد "Margaretha" ماجدة الرعد، من أصل سويدي، فالقنصلية في بيتهم منذ ما يقارب سبعة وعشرون عام، هذا رغم تجاوز والده القنصل السابق "Carl Gielisch" على الشعب الأردني والفلسسطيني، إبّان حقبته القنصلية، في لقاء صحفي في جريدة "Spiegel Der" الألمانية تحت عنوان "العربي لا تستطيع الوثوق به" في 18.09.1972، هذا بدل رعاية الجالية أو الكف أضعف الإيمان - دون تقاضي رواتب تترواح بين 3500 وتصل إلى 9 ألاف دينار بين وزير وبرلماني، لاستطاعت تغطية بعض المديونية بوقت أسرع وأكثر أمناً من تطاول القرارات الضريبية الفاشلة على المواطن، التي لا يُطبق منها سوى العائد بالفائدة لأصحاب القرار وتعديل بعض من إنهيار الميزانية. وبهذا تمنح الحكومة النواب جوازات سفر دبلوماسية ومكانة اجتماعية بين الناس، دون أن يتسببوا بعجز في الميزانية جراء رواتبهم ومخصصات تعادل الرواتب وحيناً أكثر، هذا عدا استخدام النفوذ في بيع وشراء وكراء وسرقات ومشاركة الدولة بقضايا الفساد.   
   لا نريد أن تكون إقالة الملقي امتصاصاً لغضب الشارع فحسب، بل يجب أن تكون التبعة المنصفة الحكيمة إلغاء التعديل الضريبي وليس وقفهِ لاحتواء الشعب وتنفيذهِ في موعد آجل. يجب على الحكومة الحالية ومعها جلالة الملك تقدير الوضع الراهن والتفاعل مع الشعب والنقابات والمؤسسات المدنية حتى لا يستطيع الحاقدون استثمار الغضب وتصعيده ليأخذ منحنى – لا سمح الله – لا رجعة فيه.

                   كل عام ونحن إلى الكرامة والحق أقرب، كل عام وأنتم بخير. 

Back to top ↑

كلمات من العمري

في بداية خطابي أشكر زائريّ ممن بحث عني بأسمي أو دخل منزلي صدفة فراق له البقاء. وجزيل شكري لكل أصدقائي وأحبتي ممن يعملوا في الخفاء لنشر كلماتي دون تقديم أشخاصهم، إيمانهم بها أو بي وإن زل قلمي حيناً يقينهم إذعانَ قلبي وعقلي لها. لقد ترددت كثيرا قبل أن أفتح هذا الباب الذي عمل عليه صديقي الأستاذ أنس عمرو وصديقي الدكتور ضياء الزعبي - جزاه الله كل الخير- ولم يتركني حتى كَمُل على وجه رضيناه للأخوة القراء الكرام ... المزيد
كن على تواصل واتصال معنا

© 2018 أحمد سليمان العمري.
Design By: Hebron Portal - Anas Amro .